للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكرناها، وكذلك إذا كانت من ذوات الأقراء، فلا يصح بيع الدار؛ [إذ] (١) الأقراء تختلف، ولا ضبط لأكثر الطهر.

وإن كانت معتدة بالشهور، نظر: فإن كنا لا نتوقع طريان الأقراء على الشهور، فالمذهب الذي عليه التعويل أن بيع الدار قبل انقضاء الأشهر يخرّج على القولين في بيع الدار المكراة؛ وذلك لأن الدار مستحَقَّةُ المنافع في هذه المدّة، فصار كما لو كانت مستحَقَّةَ المنفعةِ للمستأجر.

وذكر العراقيون وجهاً آخر أنا نقطع بمنع البيع، بخلاف الدار المكراة، واعتلوا بأن قالوا: قد تموت المعتدة في أثناء المدة، فتنقطع العدة، فهذا إذاً [يجرّ غَرَراً] (٢) من هذا الوجه، وزعموا أن هذا لا يتحقق في الإجارة؛ فإن المستأجر لو مات لم يبطل حقه، بل ينتقل إلى ورثته، ولو فرض من المكتري فسخُ الإجارةِ، فقد يقول قائل: للبائع المكري إمساك الدار إلى انقضاء المدة. وقد فصلنا هذا في كتاب الإجارة والبيع.

وهذا الذي ذكروه غيرُ سديد؛ فإن أمر البيع لا يحمل على تقدير الموت، وشواهدُ ذلك في بيع الأعيان والسّلم واضحة.

هذا إذا كنا لا نتوقع طريانَ الأقراء على الشهور.

فأما إذا كنا نتوقع طريانَها، فللأصحاب طريقان: منهم من قطع بفساد البيع لتوقع طريان القرء، ثم الأقراء لا ضبط لها.

ومنهم من قال: الحكم بمقتضى الحال وهي من ذوات الشهور، فيخرج البيع على القولين، ثم إن صححنا البيعَ، فطرأ الحيض، فهذا عندنا يضاهي طريانَ اختلاط الثمار قبل القبض؛ فإنا نقول: لو كانت الثمار تختلط بطباعها لا محالة، فالبيع باطل، وإن اتفق اختلاطٌ طارىء، ففيه الخلاف المشهور في كتاب البيع، وليس هذا كطريان الإباق على العبد؛ فإن ذاك لا يبنى عليه الأمر، وطريان الحيض على مشاهدة من حكم الجبلّة كاتفاق اختلاط الثمار.


(١) في الأصل: إن.
(٢) في الأصل: "يجد عذراً" والمثبت من المحقق رعاية للسياق.