الزوج مستخلياً بالمعتدة، وإن كانت أجنبية ووقع الفرضُ فيها من غير عدة، فلا خَلوةَ، إذا تُصورت المسألة بالصورة التي ذكرناها.
وكذلك لو كان في الدار جاريةٌ للزوج، فلا خَلْوةَ، ولو خلا الرجل بأجنبيتين، أو مُعتدَّتين، أو بجمعٍ من النسوة، فهذا تردد الأصحاب فيه، فمنهم من رآه خَلْوةً؛ فإن كل واحدة منهن بالإضافة إلى الزوج كصاحباتها، ومنهم من قال: هذا ليس بخَلْوةٍ؛ فإن من اجتمع مع نسوة، فاجتماعهن يمنعه من الإقدام على محذور في غالب الأمر.
وهذا الاختلاف مأخوذ من تردد الأصحاب في أنه إذا اجتمعت نسوة لا محرم معهن. فهل يلزمهن أن يخرجن بأنفسهن إلى الحج، وأطلق الأصحاب من ذلك قولاً، فقالوا: إذا اجتمع مع الرجل والمرأة من يحتشمه الرجل، فلا يكون مستخلياً بها، وتفصيل هذا ما قدمناه.
ولكن ينشأ فما ذكرناه الآن أنه لو كان معهما صغيرة لا تميز أو مجنونة، فلا معوّل عليها؛ فإنها لا تُحتَشَم، ولو كان معهما مراهقةٌ مميزة تعقل، وتصف، وتذكر، وتحكي، [قالوا:] (١) ظاهرٌ عندنا أن ذلك يمنع من حصول الخَلْوة، والعلم عند الله.
ولو خلا رجلان بامرأة، فظاهر ما ذكره الأصحاب أن هذا خَلوة، وليس كخَلْوة الرجل بامرأتين، ولهذا لم نوجب على المرأة الفردة أن تخرج حاجّة مع جمع الرجال من غير زوج ولا محرم، وترددوا في خروج نسوة مجتمعات مع جمع الرجال.
ومما يتعلق بتمام الغرض في ذلك أن الدار لو كانت مشتملة على حجرة، فسكنت المرأة حجرةً منفردةً بمرافقها، وسكن الرجل الدار ذات المرافق، نُظر: فإن كانت الحجرة يُغلق بابها، فإذا فعلت ذلك، فلا خَلوة، وإن لم يكن للحجرة بابٌ، وبابُ الدار مغلق على الدار والحجرة، فالرجل مستخلٍ بها، وإن كان لا يراها، ولو كانت الحجرة ذاتَ باب له أغلاق وأرتاج، ولكن مرافقها في الدار، ولا ثالث، فالرجل مستخلٍ بها.
هذا تفصيل الخَلْوة.
(١) في الأصل: قال. والقائل هم الأصحاب، فسياق الحديث والحكاية عنهم.