للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإن لم تُزفّ إليه، فهي غيرُ مشغولة [الرحم] (١) إذا كان الحالة هذه، ففي هذا ترددٌ للأصحاب: منهم من قال: إذا لم نوجب لها السكنى، فهي بحكم نفسها، غيرَ أنه يجب عليها لله تعالى أن تسكن سكون المعتدات، وذلك إنما يتأكد حقه عند فرض صون الماء وما نحن فيه لا يستند إلى ماءٍ مصون بالعدة.

ومن أصحابنا من قال: مهما تبرع الوارث بتعيين مسكن تعين عليها أن توافقه؛ فإن الوارث تارةً يدعي حرمة الماء، وتارة يدعي حرمة الزوج الذي منه العدة.

فإن لم يتبرع الوارث، أو لم يكن له وارث، فليس للسلطان أن يتبرع بإسكانها من بيت المال إلا أن تحتاج وتفتقرَ، ويُلزمها الشرع أن تلزم مسكناًً، وهي لا تملك ما يفي بمؤنة المسكن، فالسلطان يتداركُها حَسَبَ ما يتداركُ المحاويج.

وإن كانت تُزنّ بريبةٍ (٢)، فعلى الإمام أن يحصِّنها ويعيّن مسكناًً مرقوباً، وهذا من الأسباب المؤكدة لجواز بذل مال بيت المال، وقد ذكرنا طرفاً من ذلك في قَسْم الفيء والغنائم، وغوائل هذا الفن تتعلّق بالإيالة الكبيرة، ولعلنا نجمع فيها قولاً يشفي العليل ونبدي ما عليه التعويل.

فصل

قال: " ولو أذن لها أن تنتقل ... إلى آخره " (٣).

٩٨٥٦ - ذكر الشافعي رضي الله عنه ثلاثة فصول ونحن نأتي بها مفصلة، ونلحق بكلٍّ مسائلَه ونستعين بالله تعالى.

الفصل الأول

فيه إذا أذن الزوج للزوجة في الانتقال من مسكن قبل أن يطلقها، ثم يطلقها أو يموت عنها.


(١) سقطت من الأصل.
(٢) تزنّ بريبة: أي يظن بها السوء. والفعل: زنّ مثل ظنّ، وزناً ومعنى، تقول: زننته زنّاً: أي ظننت به خيراً أو شراً، أو نسبته إلى ذلك، وفيه قول حسان: حصانٌ رزان ما تزنّ بريبةٍ (المصباح).
(٣) ر. المختصر: ٥/ ٣١.