للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هاهنا، ولكن ذلك الوجه الذي حكيناه على تثبُّتٍ في نقله وجدناه مشهوراً للأصحاب في الطرق، فلم نَرَ تَرْكه.

ولو انتجزت حاجتها قبل ثلاثة أيام، فلها أن تستتم المكث ثلاثة أيام؛ فإن هذا المقدار في حكم السفر أثبته الشرع مدة ليتأهب (١) لعدة السفر، وليس معدوداً من الإقامة، وإن انتجزت حاجتها في ثلاثة أيام فصاعداً، لم تعرج إلا أن لا تجد رفقة؛ فإنا لا نكلفها أن تغرر بنفسها. بل، لا نكلفها أن تتحمل مشقة ظاهرة خارجة عن حد الاقتصاد في الاعتياد، وإنما يطلب منها ألا تعرّج ولا تُقَصِّر (٢)، فأما أن تتكلف مشقة، وتصادم غرراً، فليس عليها ذلك، وسنخرّج في هذا قولاً بالغاً يقرب من التحديد، وإن لم يكن في محل التحديد.

هذا إذا كان سفرها متعلقاًً بغرض صحيح من الأغراض.

٩٨٦٢٠ - فأما إذا لم يكن متعلقاً بغرض صحيح، فأول ما نذكره: أنها إذا بلغت المحل المقصود وكان الزوج أذن لها في أن تقيم في ذلك المحل عشرة أيام، فهل لها أن تستوفي المدة المذكورة أم يتعين عليها أن ترجع إلى مسكن النكاح؟ فعلى قولين:

أحدهما - يجوز لها أن تستوفي تلك المدة جرياناً على موجب الإذن.

وهذا التوجيه عندنا خطأ.

والوجه أن نقول في توجيه هذا القول: إذا وطّنت نفسها على الإقامة وتهيأت لذلك، فلو كُلّفت قطعَ غرضها، فقد يتعطل عليها أُهَب وأسبابٌ كانت هيأتها للإقامة، كالمطاعم، وما في معانيها، فهذا هو الذي يُوجَّه هذا القول به؛ فإنّ إذن الزوج -على تفصيله- ينقطع بالطلاق، ويرتفع أثره بالكلية؛ فإن إذنه إنما يؤثر ما استمر حكمه على الزوجة، ولهذا المعنى نقول: إذا خرجت متجرة، فإنها تمتد في الجهة التي خرجت فيها، وليس امتدادها معلَّلاً ببقاء الإذن، وإنما تعليله بما ذكرناه الآن.


(١) " ليتأهب ": أي المسافر.
(٢) عرّج بالمكان أي نزل به، ووقف عنده (معجم ومصباح) والمعنى لا تتلبّث، ولا تتمهل، ولا تقصر في التأهب للرجوع.