وإنما افترقت المسألتان في [السبب](١) الذي حصل الانتفاء به؛ فإنه حصل في أحدهما باللعان، وفي الأخرى بأمرٍ متعلق بالزمان، والذي يحقق الجمع بينهما أن الملاعن لو استلحق الولد بعد نفيه، للحقه، والذي أتت زوجته المطلقة بالولد لأكثر من أربع سنين لو استلحق الولد بتقدير الوطء بالشبهة بعد الطلاق، للحقه الولد، فهما جميعاًً منفيان معرّضان للّحوق في المسألتين، وليس كما لو أتت امرأة ابن ثمان بولد؛ فإنه لا يتعرض للّحوق قط، فهو الذي لا تنقضي العدة بوضعه.
وإذا تردد الأمر بين عدّتين، وأشكل مع نفينا الولدَ عن كل واحد منهما، وذلك بأن تأتي بالولد لأكثر من أربع سنين من وقت الطلاق، ولأقلّ من ستة أشهر من وقت الوطء، ففي المسألة وجهان: أحدهما - أنه لا تنقضي عدة واحد منهما؛ فإن النسب منفيٌّ عنهما، وليس أحدهما أولى بتقدير الاستلحاق من الثاني، والحكم بالانقضاء على الإبهام غير متّجه.
والوجه الثاني -وهو اختيار الشيخ أبي حامد- أنه تنقضي عدة أحدهما لا بعينه، وهذا اختياره، وهو الصحيح عند أئمة المذهب؛ فإن المعتمد في انقضاء العدة الاحتمال وهو متحقق في حق كل واحد منهما، وجهه في الزوج تقدير وطءٍ بعد الطلاق، ووجهه في الواطىء تقدير وطء قبل الوطء الذي ظهر لنا، ولكن يتصور الالتحاق بهما جميعاًً فيبهم الأمر ويُقضى بانقضاء إحدى العدتين، ونأمرها بأن تتربص ثلاثة أقراء، فيقع الاعتداد بها عن أحدهما، وإذا فرغت عن الوضع والتربص، فقد تخلّت عن العدتين.
هذا هو الترتيب الحسن البالغ.
٩٩٠٧ - ومن أصحابنا من قال: إذا أتت المطلّقة بولدٍ بعد الطلاق لزمانٍ لا يحتمل أن يكون العلوق به من صلب النكاح، ووقع القضاء بانتفائه من غير لعان، فلا تنقضي العدة بوضعه أيضاً، وهذا يضاهي أحد الوجهين فيه إذا تردد الولد بين الرجلين، والفرق بين صورة التردد وبين هذه الصورة عسرٌ، وهذا القائل يقول: إنما تنقضي