للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال القاضي: لم يفرق الأصحاب فيما ذكروه بين البائنة والرجعية، وأرى الفرق بينهما، فأقول: مخالطة البائنة لا أثر لها في المنع من انقضاء العدة، لانقطاع علائق النكاح، فالمطلق أجنبي. والرجعيةُ إذا خالطها مخالطة الأزواج، فيجوز ألا تنقضي العدة؛ لأنها في حكم الزوجات، وهي زوجة بخمس آيات من كتاب الله تعالى، ولا يعتد بالعدة في صلب النكاح الذي منه تعتد، والقياس ألا تعتد إلا بائنة، وعدة الرجعية مع بقاء أحكام من الزوجية مشكل، فيشترط لها الاعتزال.

وهذا حسن، [والاحتمال] (١) قائم؛ لأن طلاقها أعقب الاعتداد، وأثبت التحريم، فوجب أن تعتد بمضي الزمان، وما ذُكر من المخالطة مبهم، ولم يريدوا به الوطء، بل على [زعمهم] (٢) يكفي أن يخلو بها، ولا يكفي دخول دار هي فيها من غير خلوة، ولو مضى من العدة شيء، ثم اتفقت خلوة واحدة، لم ينقطع ما مضى، ويمتنع الاحتساب بزمان الخلوة.

ولو كان يخلو بها ليلاً، ويفارقها نهاراً، فينزل على المعتاد من معاشرة الزوجات، وليس بمعتاد امتداد الخلوة بالزوجات، فالزمان المتخلل بين الخلوتين قدر العادة لم يحتسب به من العدة، ولو خلا بها، ثم طال انقطاعه عنها، حسبت المدة الطويلة، ولا يتجه غير التلفيق.

وهذا تفريع مضطرب جرّه خروج الأصل عن القياس (٣) والقول بتداخل العدتين يشعر بأن الوطء لا يقطع العدة الأولى، فلا يبطل ما مضى، لكنه في لحظة، فلم يتعرضوا له، ولا يعتد بزمان الوطء من عدة الوطء بالشبهة، ولا من عدة الطلاق على قياس قول الأصحاب (٤).


(١) في الأصل: والإحمال.
(٢) في الأصل: زعمكم.
(٣) الرقم هنا لصفحات مختصر ابن أبي عصرون.
(٤) إلى هنا انتهى المنقول من مختصر ابن أبي عصرون، وفي فقراته الأخيرة تكرار وتداخل مع ما بعده من نسخة الأصل من النهاية.