وقد خلطت حكمَ نكاح الشبهة والعدة عن الواطىء بالشبهة، وحكمَ انقطاع العدة بطريان النكاح، وحكمَ معاشرة الزوج خلطاً، وبيان هذا الفصل في خلطه؛ فإن هذه الفصول الثلاثة ناشئة من أصلٍ واحد والله أعلم.
فرع:
٩٩١٨ - إذا نكح الرجل معتدةً نكاح شبهة، ثم تبين الفساد، واجتنبها فخلت عن العدة الأولى، فللّذي نكحها على الشبهة أن ينكحها بعد التخلي من العدة.
هذا هو المذهب، وعليه التعويل.
وللشافعي قول في القديم: أن المنكوحة على الفساد في العدة محرّمة على الناكح أبداً. واعتمد في هذا قضاء عمر. ومعظم أقواله القديمة تخالف الأقيسةَ الجلية، وتستند إلى أقضيةٍ وآثارٍ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتُمسك [بطرفٍ](١) من المعنى الكلي. وقال: من نكح معتدة فقد تعجل الاستحلال قبل أوانه، فعوقب بالحرمان والتحريم المؤبد، كما يعاقب قاتل موروثه بحرمان ميراثه أبداً.
ثم سبب الشافعي بشيء لا بد من التنبه له، فقال:" الناكح في العدة منتسب إلى إفساد النسب وخلط المياه لإقدامه على النكاح قبل الاستبراء "؛ فقال العراقيون: هذا الذي ذكره يوجب أن من وطىء زوجة الغير بشبهة؛ فإنها تحرم عليه على الأبد؛ فإن النكاح في العدة وهي تابعةُ النكاح الصحيح وعُلقته إذا كان توجب تحريم الأبد، فالوطء في النكاح لأن يوجب ذلك أولى.
وفحوى كلام الأئمة في التفريع يدل على أن من زنى بمعتدة أو منكوحة، لم يكن زناه سبباً لتحريمها؛ من جهة أن الزنا لا يتضمن اختلاط النسب؛ إذ لا نسب لزانٍ، ولا ينتسب إلى الزاني ولدٌ، وفيه جواب: إن من نكح أجنبية خلية عن النكاح والعدة نكاح شبهة، فلا تحرم عليه ولا يجري القول القديم فيه، وإنما يجري ذلك القول في الواطىء في نكاحٍ أو عدة مترتبة على النكاح، ولا يمتنع عندنا جريان هذا القول في عدة الشبهة؛ فإن نكاح الشبهة فراش يترتب عليه النسب، كما يترتب على النكاح الصحيح.