للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن الفراق يقع عن الأول ظاهراً وباطناً، فعلى هذا لو عاد الأول، فتبقى الزوجة منكوحة الثاني ظاهراً وباطناً، ولا خيار لأحد، ولا تَراجُعَ ولا تغريمَ بوجهٍ من الوجوه، والفراق الواقع بهذا السبب بمثابة الفراق الواقع بالإعسار بالنفقة أو غيره من الأسباب.

والوجه الثاني - أن الفراق الذي قضينا به ظاهرٌ، ولا نحكم بنفوذه باطناً على الغيب، وفائدة ذلك أن الزوج الأول لو عاد، فهي زوجة الأول، ولا خيار: لا للأول ولا للثاني، بل هي زوجةُ الأول قطعاً، والذي جرى من الثاني وطء شبهة في نكاح الغير.

والوجه الثالث - أن الزوج الأول إذا عاد بعد ما قضينا بالفراق وتزوجت، فلا ننقضُ ما قضينا به، وهي زوجة الثاني ظاهراً وباطناً، ولا خيار ولا تغريم.

وإن عاد الأول، وسلطنا المرأة على أن تتزوج لكنها لم تتزوج، فهي مردودة إلى الأول حتماً، ولا خيار.

وهذا القائل يجعل عَوْد الزوج الأول بمثابة وجود الماء في حق المتيمم، ويجعل النكاح بمنزلة الشروع في الصلاة، ولو وجد المتيمم الماءَ قبل الشروع في الصلاة، بطل التيمم، ولو شرع في الصلاة ثم وجد [الماء] (١)، لم يكن له حكم، فالحكم بالفراق بعد التزوج مبتوتٌ ظاهراً وباطناً، وهو [قبل] (٢) التزوّج على التردد.

ثم لم يُثبتوا الخيارَ ولا الرجوعَ بالمهر في شيء من هذه الأوجه، بل صرحوا ببطلان الخيار والرجوعِ إلى الغرم، ثم زادوا على ذلك، فذكروا مذهبَ عمرَ في القول القديم، على ما ذكرناه في طريقة شيخنا والصيدلاني، ثم قالوا: هذا مذهب عمر والشافعي قال بأصل مذهبه، ولم يوافقه في التفريع.

٩٩٣٠ - هذا بيان طرق الأصحاب، وإن استقام شيء [منها] (٣) فلا يستقيم إلا


(١) زيادة من المحقق.
(٢) في الأصل: مثل. وهو تصحيف (على قربه) أرهقنا كل الإرهاق، حتى ألهمنا الله صوابه.
(٣) في الأصل: عنها.