للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

البراءة، ووضمع الحمل إذا خلا الرحم بوضعه أول الأدلة على البراءة.

وذكر القاضي وجهاً آخر أن الاستبراء لا ينقضي بوضعه، قياساً على العدة، فإنها لا تنقضي بوضع حملٍ نقطع بانتفائه عن الزوج، ثم قال: الوجهان يمكن بناؤهما على القولين في أن الاستبراء بماذا في حق ذات الأقراء؟ فإن قلنا: الاستبراء بالحيض، فكأنا [نعوِّل] (١) على ما يدل على براءة الرحم، وإن قلنا: الاستبراء بالطهر، فكأنا نرعى تعبداً في الباب، فيليق بهذا ألا يحصل بوضمع الحمل العالق عن الزنا المحض.

هذا كلامه رضي الله عنه.

وقد انتجز ما يقع الاستبراء به ولا اختصاص لما ذكرناه بالباب الذي افتتحناه.

٩٩٤٠ - ونحن الآن نخوض في مقصود الباب، فنقول: إذا أعتق الرجل أم ولده، ولم يقدم على العتق استبراءً، أو عتقت بموته، ولم يتقدم على الموت الاستبراءُ، فيجب الاستبراء بقُرء، كما سبق تفصيله، ويحرم نكاحُها في زمان الاستبراء، على من يبغي نكاحها.

ولو اشترى جاريةً ووطئها، ثم أعتقها، وجب الاستبراء، كما يجب في المستولدة إذا أعتقها أو عَتَقت بالموت.

فأما إذا [استبرأ] (٢) مالكُ المستولدة أمّ ولده، ثم زوجها، فالأصح المشهور صحةُ التزويج، على ما سيأتي في أمهات الأولاد.

ولو كانت مشغولةَ الرحم منه، فأراد أن يزوِّجها، لم يجد إلى تزويجها سبيلاً، وكذلك لو وطىء جاريتَه القِنّة ثم استبرأها، فله أن يزوّجها. ولو وطئها ثم أراد أن يزوجها من غير استبراء، فالنكاح باطل عندنا، خلافاًً لأبي حنيفة (٣).

والأصل الذي يجب الإحاطة به أن اشتغال الرحم بالماء المحترم يمنع تسليط الغير


(١) في الأصل: نعود.
(٢) في الأصل: اشترى. وعلى قرب هذا التصحيف إلا أنه طوّح بنا في مهامه بعيدة، من تقدير خرم وسقط، ومن تقدير تصحيف آخر، وبعد معاناة طويلة ألهمنا الله سبحانه سرّ الخلل وهدانا إلى الصواب. سبحانه له الفضل والمنة.
(٣) ر. مختصر اختلاف العلماء: ٢/ ٣٢٦ مسألة ٨٢٢.