لا جرم، نقول: إذا استبرأ البائع الجاريةَ ثم باعها، لم يستبحها المشتري باستبراء البائع وجهاً واحداً، إذا أراد الاستباحة بملك اليمين، فلا أثر إذاً للاستبراء في الملك في الاستباحة بالملك، وإنما التردد في استباحة النكاح بالاستبراء الجاري من البائع.
٩٩٤٤ - ومن تمام البيان في ذلك أن السيد إذا أعتق المستولدةَ حيث يجب الاستبراء ويحرم التزويج من الغير، فهل يحل له أن يتزوجها في زمان الاستبراء؟ فعلى وجهين.
توجيههما: من قال: يحل، قال: لأن الاستبراء عنه، فأشبه عدة الزوج وعدة الوطء بالشبهة، وللزوج أن ينكح المعتدة عنه إذا لم تحرم عليه بالثلاث، وكذلك ينكح الواطىء بالشبهة المعتدةَ عنه.
ومن قال: لا يجوز، قال: تجددت عليها حالةٌ، فلا يُقدم على استباحتها ما لم يمض استبراءٌ، ونفس الإقدام على النكاح استباحة، فصار هذا كالاستباحة بملك اليمين.
ولو باع رجل جارية ولم يرفع يده عنها، واستقال البائعُ فيها، فأقيل؛ فإنه لا يستبيح الوطء ما لم يستبرىء.
وحقيقة هذا الخلاف ترجع إلى أن استباحة النكاح في مسائل الاستبراء هل يُنْحَى بها نحو استباحة الوطء بملك اليمين، وفيه الخلاف الذي قدمناه.
[فإن](١) أحببت أَخْذَ ذلك على قرب، قلت: إذا استبرأها، ثم أعتقها، فهل يحل تزويجها؟ فيه اختلاف سبق ذكره: فإن أوجبنا الاستبراء وإن كنا نجوز التزويج قبله بناء على الاستبراء الواقع، فلا محمل لهذا الاستبراء إلا التعبدُ، فعلى هذا إذا أراد السيد بعد إعتاق أم الولد والقِنّة أن ينكحها، لم يكن له ذلك، حتى يمضي الاستبراء تعبداً.
وإن قلنا في الصورة الأولى: لا يجب الاستبراء، ويجوز التزويج من الغير، فإذا منعنا التزويج من الغير، فلا يبعد ألاّ يمنع السيد من التزوج وقد انكشف الغطاء بالانتهاء إلى هذا المنتهى، والله أعلم.