لما مضى من العدة عن الزوج، والعتقُ يوجب برأسه استبراءً.
وهذان القولان مأخوذان من الأصل الذي مهدناه في صدر الباب، وهو أن المولى لو استبرأ الجارية المستولدة أو القِنة، ثم أعتقها، فهل يحل تزويجها من غير استبراء؟ فيه الخلاف المقدم، ووجه التداني في المأخذ بيّن، فإنه استبرأها في الأصل الأول، ثم أعتقها، وهاهنا جرى الاستبراء عن الزوج، ثم اتفق الإعتاق.
فإن قال قائل: العدة عن الزوج، والاستبراء إن يثبت، فهو عن المستولد.
والأصل الذي تقدم فيه إذا استبرأ السيدُ أمَّ الولد عن نفسه، ثم أعتقها. قلنا: الأمر كذلك، ولكن سبيلُ الكشف في هذا أنه ما زوّجها إلا وقد استبرأها استبراءً معتبراً، ثم تخلل النكاح، وجرى الاستبراء عنه، فكان العتق مترتباً على الاستبراء الأول المقدم على النكاح، فلا فرق إذا بين المسألتين إلا أن نكاحاً جرى، واستبرأت العدة منه، وهذا القدر كافٍ في التنبيه على الغرض.
٩٩٤٨ - ومما يتعلق بتمام الغرض منه أن الزوج لو طلقها واستقبلت العدةَ، والملك مطرد عليها، ثم انقضت العدة وحصل العتق متصلاً بالانقضاء، ولم تعد إلى حكم المستولِد في لحظة بعد العدّة، فهل يجب الاستبراء لأجل التزويج من الغير؟ فعلى طريقين: من أصحابنا من قطع بأنه لا يجب الاستبراء، لأنها لم تعد بعد العدة إلى فراش المولى، ولكنها كانت معتدة، ثم عتَقَت.
ومنهم من قال: في هذه الصورة أيضاًً قولان؛ فإنّ تبدّل الحال من الرق إلى الحرية قد تحقق.
وإذا ضممنا هذه الصورة إلى ما إذا تخلّت عن العدة، وبقيت على الملك، ثم عتَقَت، انتظم من مجموع ما ذكره الأصحاب وحكَوْه في الصورتين ثلاثةُ أقوال: أحدها - أنه لا يجب الاستبراء أصلاً، والقول الثاني - أنه يجب الاستبراء، والقول الثالث - أنه يفصل بين أن يتصل العتق بمنقرَض العدة، وبين أن يقع بعدها بزمان، فإن اتصل لم يجب الاستبراء، وإن انفصل وجب.
٩٩٤٩ - ومما يتعلق بكشف المقصود في المسألة أنه لو زوج أم ولدٍ حيث يجوز له