للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إذا ورث الرجل جاريةً من أبيه أو ابنه، وزعمت الجارية أن المتوفَّى كان أصابها في الحياة، فللوارث ألاّ يصدقها، والورع أن يجتنبها، وقد ذكرنا هذا في مسائل أبي يوسف، فلو أرادت الجاريةُ أن تحلِّف الوارث، فهل لها ذلك؟

تردد القاضي فيه، ثم بنى تردده على أصلٍ، وهو أن الأبرص إذا اشترى جارية، فهل لها الامتناع عن تمكينه من الوطء؟ فيه اختلاف. فإن قلنا: لها ذلك، فقد أثبتنا لها طرفاً من الحق في الوطء، إذا ساغ لها أن تتخيّر السليم عن المعيوب، وتمتنع عن قربان المعيب، فلا يبعد على ذلك أن يثبت لها [حق] (١) الخصام إذا كانت تعتقد خطراً.

وهذا المسلك يجرى حيث انتهى الكلام إليه في الاستبراء. والله أعلم.

فرع:

٩٩٨٥ - إذا اشترى الرجل جارية حاملاً من نكاح، فوضعت، فإن كان النكاح قائماً، أو كانت مطلقة، فهذه مسألة الأم والإملاء، وقد مضت على الاستقصاء.

وإن كانت حاملاً من الزنا، فوضعت الحملَ، فالمذهب الظاهر أن الاستبراء يحصل بوضعها الحمل، وإن كانت العدة لا تنقضي بوضع ولد الزنا؛ وذلك أن العدة منسوبة إلى مَنْ منه العدة، فليكن الولد منسوباً إليه، وهذا المعنى لا يتحقق في الاستبراء، فليقع الاكتفاء فيه بصورة وضع الحمل.

ومن أصحابنا من قال: لا يحصل الاستبراء بوضع الحمل من الزنا؛ فإن الغالب على الاستبراء التعبد لا البراءة، وولد الزنا لا حرمة له.

ولا خلاف أن المسبية إذا وضعت الحمل، حلّت للسابي، ولا نبحث عن سبب علوقها تعلقاً بظاهر نداء المصطفى عليه الصلاة والسلام: " ألا لا توطأ حامل حتى تضع ولا حائل حتى تحيض ".

فرع:

٩٩٨٦ - المستبرىء إذا وطىء المستبرأة لم يلتزم بوطئها إلا المأثم ولم ينقطع الاستبراء، وليس كالعدة، فإنا قد ذكرنا من مذهب بعض الأصحاب على


(١) في الأصل: من الخصام.