للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ولا نرى الانحدار عن صَدْر الكتاب من غير تقعيد وتمهيد، يَطّلع به الناظرُ على معظم المقاصد.

وترتيبُ الشافعي أولى متبع، وقد تشوّف إلى استيعاب التمهيد؛ إذ ذكر أصول الحرمات، وتعرض للبن الفحل، فنقول: لحرمة الرضاع أصول وفروع، فالأصول ثلاثة أشخاص: المرأة المرضعة، والصبي المرتضع، والرجل الذي [أدرّ لبنَ] (١) المرأة على الولد المنتسبِ إليه، وهو المسمى الفحلَ في هذا الكتاب، والمرتضع بحكم الرضاع ولدٌ، والمرضعة أمٌّ، والرجل الذي وصفناه أبٌ، فهؤلاء أصول الحرمات.

ثم الحرمات لا تقتصر على الأصول، بل تنتشر منها، وقد يتمحضُ الانتشارُ في جهةِ الرضاع، وقد يُمزَج النسبُ بها، فليعتقد الفقيهُ أن المرتَضِعَ في منزلة الولد في الحرمة والمحرميّة، ثم تنتظم الحرمةُ بينه وبين من تعتزي الأم إليه على حسب انتظامها بين الولد وبين المنتسبين إلى أم الولادة، فيحرم المرتضعُ على أمهات المرضعة، وآبائها، وأخواتها، وأخواتهم؛ فإنهم يقعون منه على مراتبِ الأخوالِ والخالاتِ.

ولا تثبت الحرمة بين المرتضع وبين بني إخوة المرضعة وبني إخوتهم، فإنهم يقعون من المرتضع في مرتبة بني الأخوال، وأولاد الخالات، وهم لا يحرمون في النسب.

وحرمة الرضاع في انتشارها لا تُبِرّ (٢) على جهة النسب. وهذا النسق بين المرتضع وبين أب الرضاع، والمنتسبين إلى أب الرضاع، أو المتصلين به بجهة الرضاعة على حسب ما ذكرناه في المرضعة.

هذا بيان أصل الانتشار من المرضعة، وأب الرضاع.

٩٩٩٣ - وأما انتشار الحرمة من جانب المرتضع، فكل من يحرم المرتضعُ عليه، فيحرم أولادهُ عليه، وإن تَسفّلوا.


(١) في الأصل: كدّر أن المرأة. وهو تصحيف بشع لا وجه له.
(٢) لا تُبرّ: لا تزيد.