للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فأما ما يصل إلى محل التغذية، فيتعلق حرمة الرضاع به.

وما يصل إلى الباطن، ومثله يفطر، وليس محل التغذية، ففي تعلق حرمة الرضاع به قولان، كالحقنة؛ فإنها مفطرة، وإذا حقن الصبيُّ [اللبنَ] (١)، ففي حصول حرمة الرضاع قولان: أحدهما - أنها تحصل اعتباراً بالفطر، وأيضاً فالتداوي من الأغراض المقصودة كالتغذي، ولو قيل: الأغذية في معنى الأدوية، والمقصودُ من استعمالها ردُّ الطبيعة المائلة بسَوْرة (٢) الجوع إلى الاعتدال، لكان سديداً.

ومن راعى مكانَ التغذية ومَظِنتَها، تشوّف إلى معنى كلي مقصودٍ بقول (٣) المصطفى صلى الله عليه وسلم فإن الأنساب امتشجت من وشائج الخلق وأطوار النطف، والألبانُ تؤثر في البنية قريباً من تأثير مواد الزرع، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الرضاع ما أنبت اللحم وأنشز العظم " (٤).

١٠٠٠٨ - وأما السعوط، وهو إيصال اللبن إلى الدماغ، فلأصحابنا فيه طريقان: منهم من أجرى فيه قولي الحقنة مَصيراً إلى أن الدماغ ليس فيه قوة عادية، وإنما يستعمل السعوط تداوياً كالاحتقان، ومنهم من قطع بأن السعوط يُثبت الحرمةَ قولاً واحداً، وإليه ميلُ الأكثرين.

وهؤلاء اعتقدوا إفضاء السعوط إلى التغذية، وهو لعمرنا كذلك، لأن الرأس تشارك فم المعدة، وبينهما عِرْقان لا ينتهي شيء إلى فم المعدة إلا ترقى جزء منه إلى الدماغ، ولا ينتهي إلى الدماغ شيء إلا انحدر منه جزء إلى المعدة، ولهذا يتقوّى الضعيف بالطّيب الذي يصل إلى دماغه، فإنه يردُّ جزءاً منه وإن قل إلى المعدة.

وإذا وصل اللبن إلى مثانة الصبي، فهو بمعنى الحقنة وإن زُرّق اللبنُ في إحليله فلم ينته إلى المثانة، كان ذلك خارجاً على الخلاف في أن ذلك هل يفطر الصائم؟ فإن


(١) في الأصل: وإذا حقن الصبي الذي.
(٢) سَوْرة الجوع (بالسين) شدّته وحدّته (المصباح).
(٣) يشير إلى الحديث الشريف الآتي. تعليق رقم (٤).
(٤) حديت: " الرضاع ما أنبت اللحم ... " رواه أبو داود: النكاح، باب في رضاع الكبير، ح ٢٠٥٩، ٢٠٦٠، وأحمد (١/ ٤٣٢)، والبيهقي في الكبرى (٧/ ٤٦١).