للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وهذا أقسط الطرق؛ فإن التبعيض في الشهود [لا احتمال] (١) فيه، [وإيجاب] (٢) تمام المهر على المرضعة ظاهر في القياس؛ فإن تشبيهها بالمطلّق اكتفاءٌ من المشبِّه بتلفيق لا حاصل وراءه؛ من جهة أن المطلّق هو الذي أزال ملكه قبل أن يستوفيه، فارتدت المنافع إليها بجملتها، فقابل الشرع استمكانه منها ببعض الصّداق. وأما المرضعة إذا فوتت ملكه قبل أن يستوفيه فهي أحرى بأن تلتزم الكمال.

فليتأمل الناظر من كلامنا أمثالَ هذه المواضع.

هذا الذي ذكرناه قاعدةُ المذهب.

وقال أبو حنيفة (٣) على المرضعة قبل المسيس نصفُ الصداق المسمى، وهو الذي يغرمه الزوج لزوجته التي فسد نكاحها بالرضاع، وهذا له اتجاه على حال؛ من جهة أن تقوّم البضع بقطع الملك فيه إلحاق له بالأموال المحضة، وليس هذا من قبيل استهلاك منافع البضع بالوطء، فإن تقوّمها بسبب تأكد الحرمة يضاهي تقوّم الحر إذا أتلف.

١٠٠٢٣ - وقد حكى الشيخ أبو علي وغيره قولين آخرين في المرضعة، سوى ما قدمناه: أحدهما - مثل مذهب أبي حنيفة، ووجهه ما أشرنا إليه، فإذا قطعنا النظر عن قيمة البضع، فلا بد من تغريمها ما ضيعته على الزوج من ماله، والمضيَّعُ ما بذله الزوج، وهو نصف المسمى.

والقول الثاني - أنها تغرَم له تمام المسمى؛ فإن الغرم إذا رجع إلى المسمى، فالتشطير لا يثبت إلا في حق الزوج.

وهذا بعيد لا أصل له؛ فإن التفويت يتحقق فيما يبذله أو فيما يلزمه بذله، وهو نصف المسمى.

ولو كان الزوج أصدقَ امرأته خمراً، واقتضى الحكم الرجوع إلى مهر المثل، فالقولان الزائدان لا يزيدان تحقيقاً، وان زادا تقديراً، فإنا في قولٍ نوجب نصف مهر


(١) في الأصل: لاحتمالٍ فيه.
(٢) في الأصل: بإيجاب.
(٣) ر. مختصر اختلاف العلماء: ٢/ ٣١٣ مسألة ٨١٠، مختصر الطحاوي: ٢٢١.