للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

هذه الأبواب، [ثم] (١) تنفرد كل بنت بغرامة نصف مهر التي أرضعتها، ويشتركن في غرامة مهر الكبيرة؛ فإن أفعالهن لم تترتب، وقد صدر من كل واحدة ما لو انفردت، لكان ذلك محرِّماً للكبيرة، فالغرم الواجب بسبب الكبيرة مفضوضٌ عليهن.

هذا إذا حلبن ألبانهن وحصَّلن الرضعة الخامسة معاً، وكذلك لو ألقمنهن الثديَ، وتحقق وصول اللبن إلى الأجواف معاً.

ولو لم تكن الكبيرة مدخولاً بها وجرى الإرضاع من البنات على ترتيب، فإذا أرضعت واحدةٌ واحدة إرضاعاً تاماً، بطل بذلك نكاح الكبيرة والصغيرة للجمع والمحرمية: أما المحرمية، فتحصل في الكبيرة، لأنها تصير [من] (٢) أمهات النساء، وأما نكاح الصغيرة فيبطل بالجمع، ولا تثبت المحرمية.

فإذا جاءت البنت الثانية، وأرضعت صغيرة، ثم أرضعت الثالثةُ الثالثةَ، لم يبطل نكاحهما، إذ لا محرمية، والكبيرةُ غيرُ مدخول بها، ولا جمع أيضاً، ولا يثبت بين الصغيرتين سببٌ يُحرِّم الجمع؛ إذ تصير كل واحدة بنت خالة الأخرى، والجمع بين بنات الخالات لا يمتنع.

ولو لم تكن الكبيرة مدخولاً بها، فأرضعت بنتان صغيرتين جمعاً، كما صورنا الجمع، وأرضعت الثالثةُ الثالثةَ من بعدُ، أما نكاح الكبيرة، [فيرتفع للمحرمية] (٣)، لا شك فيه، ويرتفع نكاح الصغيرتين للجمع مع الأم.

وحكم الغرم أن كل مرضعة منهما تختص بغرامة نصف مهر مثل التي أرضعتها، ويشتركان في غرامة نصف مهر مثل الكبيرة؛ لأنهما اشتركتا في إفساد نكاحها. ولما جاءت البنت الثالثة، وأرضعت الصغيرة الثالثة، فلا أثر لإرضاعها؛ فإنها لم تثبت في الصغيرة الثالثة محرمية؛ إذ لا دخول بالكبيرة، ولم يتحقق فيها جمع؛ فإن نكاح الكبيرة قد تقدم ارتفاعه.

وإن صورنا الأمر على الضد من ذلك، فأرضعت بنتٌ صغيرةً، وجمعت بنتان


(١) في الأصل: لم تنفرد.
(٢) سقطت من الأصل.
(٣) في الأصل: فترتفع المحرمية.