للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إنما وقعت خامسةً لتقدم أربع قبلها، ولا حاصل لقول من يقول: الحرمة بالخامسة، قالت عائشة: " فنسخن بخمس يحرّمن ".

وهذا يضاهي مسألةً للأصحاب سيأتي ذكرها في مسائل أسباب الضمان من كتاب الديات، وهي أن من شحن سفينة شِحْنةً على اعتدال، فجاء آخر ووضع فيها عِدْلاً (١)، رسبت السفينة بسببه [وغرقت، فكم يغرم] (٢) هذا الواضع؟ فيه تفصيل، وقد ذهب ذاهبون من أصحابنا إلى التوزيع، وهذا الذي ذكرناه في الرضاع احتمال، يعتضد برجوع الشهود؛ فإنه لو شهد أربعة على الطلاق، وجرى الحكم، ثم رجعوا عن الشهادات واحداً واحداً، فالغرم على جميعهم، وإن كان انتقاص العدد المشروط يحصل برجوع الثالث، والمذهب ما نقلناه، وهذا احتمال أبديناه، وهو [دافعٌ] (٣) لا بأس به.

١٠٠٤٧ - ولو كانت المسألة بحالها: ثلاث كبيرات وصغيرة، فأرضعت واحدةٌ الصغيرةَ رضعة، وأرضعت الثانيةُ رضعة، ثم احتلبتا لبنيهما، واحتلبت الكبيرة الثالثة لبنها، وجمعن هذه الألبان في ظرف، وأرضعن الصغيرة، فقد حصل بما صورناه خمسُ رضعات؛ فإن الأوليين قدمتا رضعتين، ولما جمعن ألبانهن، فكأنَّ كل واحدة أرضعت رضعة، فيحصل ثلاثُ رضعات بهذا اللبن المجموع، والتفريع على تحريم الصغيرة، وثبوت الأبوّة.

وغرضنا الكلام في الغرم، ولا شك أنهن يشتركن في الغرم بسبب الاشتراك في الرضعة الأخيرة، وذكر الشيخ أبو علي وجهين في كيفية فضّ الغرم عليهن: أحدهما - أن الغرم بينهن أثلاثاً؛ فإنهن اشتركن آخراً عند حصول التحريم، فالوجه فضُّ الغرم عليهن أثلاثاًً.


(١) عِدْلاً: عدل الشيء مساويه في الوزن والقدر، والعدل أيضاً نصف الحمل يكون على أحد جَنْبي البعير، وهو الجُوالق، أو الغِرارة، وهو المراد هنا (المعجم والمصباح).
(٢) في الأصل: وغرمت وكم يغرم.
(٣) في الأصل: واقع.