للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فالرضعات خمس، ولتعدد الأشخاص أثرٌ في الحكم بتعدد ما يصدر منهم، كما للاتحاد أثرٌ في الإيجار.

هذا ظاهر المذهب.

ومن أصحابنا من قال: إذا تواصلت الأزمنة، لم يثبت العدد وحكمُه.

فإن فرعنا على الوجه الأظهر، فالكلام كما تقدم.

وإن فرعنا على أن ما صدر منهن لا يثبت له حكم العدد، فلو أرضعت واحدة منهن الصغيرة أربعَ رضعات بعد ما تقدم منها، فهل تثبت الحرمة؟ فعلى وجهين؟ أحدهما - أنها لا تثبت؛ فإنا إذا لم نحكم بعدد الرضعات، فكأن الصادر منهن في حكم الرضعة، وهي مفضوضة على جماعتهن تقديراً، ويلزم من ذلك نسبة بعض رضعة إلى كل واحدة، والواحد لا بعض له، فالوجه [إحباط] (١) تلك الرضعات، والمصيرُ إلى أنها وإن وقعت كأنها لم تقع، وكذلك لو تكررت الرضعات منهن على هذه الصفة مراراً عدة، فالجواب كما قدمنا ذكره.

هذا وجه وقد ذكرنا لهذا نظيراً في صورة تقدمت من كلام العراقيين.

والوجه الثاني - أن الواحدة منهن إذا أرضعت أربعاً بعد ما جرى -بينهن على الجمعِ ما جرى، فنحكم بثبات الحرمة، لأنها أرضعت رضيعةً في الحولين خمساً، ومثل هذا لا سبيل إلى [درائه بالوساوس] (٢)، والتقديرات.

وهذا هو الذي لا ينقدح غيره.

فإن قيل: فإذا كنا نحتسب ما صدر من كل واحدة رضعة، فقد تعدّدت الرضعات. قلنا: نعم، هو كذلك، ولهذا كان الأصح أن الصادر منهن رضعات، ولكن يجوز أن يقال على الوجه الضعيف: هن بمثابة بنت واحدة تُرضع في دفعة لبناً كثيراً، فإذا رُدِدنا إلى اعتبار كل واحدة في نفسها، ردَّدْنا النظر إلى فعلها وإرضاعها.

هذا منتهى القول في هذا الفصل.


(١) في الأصل: احتياط.
(٢) في الأصل: وهذا لا سبيل إلى وراه بالوسايس. والمثبت تصرف من المحقق.