للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم الوجه أن يضعّف بهذه المسألة قول التردد في الولد المرتضع، والممكن في الفرق أن الولد إذا تردد بين رجلين، قلنا: يُقطع بثبوت النسب من أحدهما أيضاً، فإن الانتساب إلى الرجال مشكل، ومسألة الأخت مفروضة فيه إذا ثبتت الأخوّة قطعاًً، حتى لو تردد المرتضع بين امرأتين قد أرضعته إحداهما، فهذه مسألة الأخت، وكذلك لو كان تردد الولد بين والدتين، فيجب القطع بإبطال قول التخيير في المرتضع.

١٠٠٦٢ - ومما يتم به البيان، ويكمل به التفريع [أنا] (١) إذا أثبتنا الحرمة من الجانبين، فالوجه عندنا ألاّ نثبت المحرمية؛ فإن الغالب التحريم، والذي يغلّب الحرمة هو بعينه يقتضي ألاّ تثبت المحرمية إلا بتحقيق؛ فإن المحرمية تقتضي مداخلةً واستحلالَ خُلوة، وهذا محدّور إذا التبس الحلال بالمحظور.

واختتام الكلام أنا إذا رأينا -عند عدم القائف- للولد النسيب أن ينتسب، فليس ذلك تشهيّاً واختياراً، وإنما هو رُجوعٌ إلى تخير النفس وما جبلت عليه من الحَدَب والميل، وسنستقصي هذا في باب القائف، إن شاء الله.

فلئن كان في اختيار المرتضع تردُّدٌ في أنه اختيار إرادة أو اختيار اجتهاد، فلا تردد في انتساب الولد النسيب.

وهذا نجاز الفصل، لم نغادر فيه فيما نظن طرفاً تَمَس الحاجةُ إليه.

١٠٠٦٣ - ومما أورده في (السَّواد) ولد اللعان، فإذا نفى الرجل ولداً باللعان، انتفى عنه اللبن الدارّ عليه أيضاًً، كما انتفى الولد، فإن عاد، فاستلحق الولد المنفيّ، لحقه الولد، ويلحقه اللبنُ أيضاًً، ومن قال: في اللبن النازل على الولد المتردد بين رجلين إنه يلحق بهما، فلست أدري ماذا يقول إذا لاعن ونفى النسب؛ فإنه خالف بين اللبن وبين النسب، فألحق الولد إلحاقاً لا يتصور إلحاق النسب بجنسه، فقد لا يبعد ألا ينتفيَ حرمة اللبن وإن انتفى النسب.

ويجوز أن يقال: قد أثبت الزوج باللعان أن الولد الذي جاءت به ولد الزنا، ولا حرمة للبن النازل على ولد الزنا في جهة من انتفى النسب عنه.


(١) زيادة اقتضاها السياق.