للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فليفعل، ولا يكلَّف في مثل ذلك إقامةَ حجة، ولا ينتهي الأمر إلى محاكمة ومخاصمة، وإن أراد إبدالها -والزوجةُ قد ألفتها- من غير خيانة وريبة، فالذي رأيته للأصحاب أنه ليس للرجل ذلك من غير غرض؛ فإن انقطاع [النفس] (١) عن المألوف شديد، وربما انبسطت إليها، وستلقى عُسراً أن تنبسط مع أخرى، وهذا بيّن من هذا الوجه.

١٠٠٩١ - ومن تمام القول في ذلك أن الزوج لو قام بالأشغال الظاهرة وترك الأمور الخفية على خادمة، فهل تستحق تلك الخادمةُ الوظيفةَ التامة، ومعظم الأشغال مكفية؟ هذا يقرب عندنا من تردد الأصحاب في أن السيد إذا زوج أمته، وكان يستخدم الأمة نهاراً ويردها إلى الزوج ليلاً، فهل على الزوج كمالُ النفقة؟ فيه اختلاف قدمناه في كتاب النكاح: من أصحابنا من قال: يجب تمامُ النفقة، ومنهم من أوجب نصفَها، ومنهم من لم يوجب عليه شيئاًً.

ويخرج عندنا في الخادمة وجهان خروجاً ظاهراً: أحدهما - أن للخادمة نصف الوظيفة، ولا توزيع على أقدار الأعمال كالليل والنهار. والوجه الثاني - أن لها تمامَ الوظيفة؛ فإن الخادمة في الأمور السرّية لا بد منها، وهي تحتاج أن تتربص في جميع الأزمان لمسيس الحاجة إلى تلك الأشغال، ولا ترضى بأقلَّ من الوظيفة، والزوج هو الذي تجشم من عملها ما تجشم.

وهذا الوجه أفقه وأليق.

ولا يمتنع عندنا أن توزع الوظيفة إذا فتحنا بابَ التقسيط، بخلاف الليل والنهار في نفقة الأمة المزوجة؛ فإن الليالي والأيام جعلها الله خِلْفة، وهي تتناوب على نسب مستويةٍ في الطول والقصر، وأما الأعمالُ البادية والخفية؛ فإنها متفاوتة ليست متناسبة.

فأما إذا قلنا: لا تستحق الأمةُ شيئاًً من النفقة إذا لم يسلمها السيد إلى زوجها ليلاً ونهاراً، فلست أرى لهذا الوجه خروجاً هاهنا؛ فإن الخادمة لا بد منها على الوجه


(١) زيادة من المحقق لا يستقيم الكلام بدونها.