للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مشروط بعدم النشوز، وللشافعي لفظ في (السواد) ينطبق على هذا، وهو أنه قال في نفقة الصغيرة: " ولو قال قائل ينفق لأنها ممنوعةٌ به من غيره، لكان مذهباً " (١) وهذا تعلق منه رضي الله عنه بما يقتضيه النكاح من المنع، وإشارة إلى أن سبب وجوب النفقة ذلك.

ثم هذا يعتضد بقواعدَ لا خلاف فيها، وهي أن المريضة التي لا تؤتَى تستحق النفقة، وإن انحسمت جميع وجوه الاستمتاعات بها، والرتقاء تستحق النفقة، وإن عسر مقصود النكاح عُسراً يُثبت الاطلاع عليه الخيارَ في فسخ النكاح، غير أنها إذا نشزت وامتنعت على زوجها، أسقط الشرع نفقتَها؛ استحثاثاً لها على الطاعة، ودُعاءً إليها كما بين الله تعالى في لطيف كتابه، [ردّهن] (٢) بالموعظة، والهجران في المضجع، والضرب إلى الطاعة.

وصاحب القول الثاني يقول: إيجاب المؤن على الزوج على مقابلة التمكين من الاستمتاع، فالتعويل على التمكين، ولا يُفرض التمكين على الحِلّ إلا في عقد.

ويتبين القولان بشيئين: أحدهما - أن الزوجين لو اختلفا: فقال الزوج: لم تمكّني، وقالت: مكنتُ، وذكرا على مُوجَب النزاع مدةً، وحاول الزوج سقوطَ النفقة بها (٣)، وأرادت المرأة استقرارها في تلك المدة، ففي المسألة قولان مشهوران: أحدهما - أن القول قول الزوجة. والثاني - أن القول قول الزوج.

ولا خروج لهذين القولين إلا على القولين المذكورين في موجَب النفقة.

فإن قلنا: النفقة تجب باحتباسها في حِبالة النكاح، ودوامُها مشروط بعدم النشوزَ، فكأن الزوج يدّعي عليها النشوزَ، والأصل عدمُه، ولا حاجة بها إلى ادعاء التمكين، وإنما [تنفي] (٤) النشوز.

وإن قلنا: موجِب النفقة التمكينُ، فهي تدعي صدورَ التمكين منها، والأصل


(١) ر. المختصر: ٥/ ٧٣.
(٢) في الأصل: وُدّهن.
(٣) الباء تأتي مرادفة لـ (في).
(٤) في الأصل: يبقى.