للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفسخ بالعُنة، فإن الفسخ لا يثبت بثبوت العنة؛ إذ الزوج إذا أقر بالعنة أُمهل مع إقراره سَنَة، ثم تلك المدة لا حكم لها ما لم يضربها الوالي.

فانتظم من ذلك أن ما يقتضيه كلام الأئمة أن الفسخ لا ينفذ ظاهراً وباطناً ما لم يثبت الإعسار في مجلس الحاكم.

ومن الأصحاب من أظهر تردداً في الظاهر والباطن على الترتيب الذي سقناه.

وهذا عندنا يحتاج إلى مزيد كشف، فإن لم يكن في الصُّقع حاكم ولا مُحَكّم، فيظهر ملك المرأة الفسخَ عند تحقق التعذر، وإن كان حاكمٌ، ففيه التردد، ولا نعدَم نظائرَ هذا في المسائل التي ترفع إلى الحكام إذا أمكن الرفع، ويثبت الحكم من غير حاكم إذا شغرت البقعة.

هذا كله تفريع على أن الرفع طريقه الفسخ.

١٠١٣١ - فأما إذا قلنا: الرفعُ طريقه الطلاق، فهذا موجه بالتشبيه بالإيلاء؛ فإن المدة إذا انقضت وظهر الضرار، فالزوج يُرفع إلى الحاكم ليفيء، فإن لم يفعل، ففي المسألة قولان: أحدهما - أن القاضي يطلّق. والثاني - أنه يحبس حتى يطلّق، وقد مضى القولان وتفريعهما في الإيلاء، فقال قائلون: ليكن رفع النكاح بالإعسار على هذا النسق إلا فيما نستثنيه.

وهذا قول ضعيف يبين ضعفه بالمعنى واضطراب التفريع، [فأما] (١) المعنى فالإعسار بالنفقة يتعذر به حقٌّ مستَحَقٌّ، هو القوام، وعليه تعويل المرأة في احتباسها في حِبالة النكاح، وليس الوطء مستحَقاً على الزوج، فإنه لو لم يُولِ، لم يكلّف الطلاق، وإن امتنع عن [الوقاع] (٢) سنيناً (٣) وأعواماً.

وأما فساد التفريع، فنقول: أولاً قول حبس الزوج ليطلّق لا يخرّج، فإن الضرار


(١) في الأصل: وأما.
(٢) في الأصل: الطلاق. وهو سبق قلم من الناسخ.
(٣) " سنيناً " وهو صحيح؛ قال ابن مالك عن هذا الباب: " ... مثلَ (حينٍ) قد يرد بابُه وهو عند قومٍ يطردّ" وجاء عليه دُعاء الرسول صلى الله عليه وسلم: "اللهم اجعلها عليهم سنيناً ... " في روايةٍ.