بالمقام تحت زوجها بعد انقضاء المدة، وإذا صدر ذلك منها، ثم بدا لها أن تعود إلى الطلب، فلها ذلك؛ فإنها ما رضيت بعيبٍ في زوجها، وإنما رضيت بما لحقها من الضرار، وهو متجدد عليها في الزمان المستقبل.
وسر هذا الفصل يوضحه ما نصفه، فنقول: الحقوق التي لا مقدار لها، ولا انحصار، لا يصح إسقاطها. نعم، اختلف القول في أن ما لم يجب، وثبت سببُ وجوبه، هل يصح الإبراء عنه على شرط التقدير، وكذلك اختلف القول في ضمان ما لم يجب، وثبت سببُ وجوبه.
فلا جَرَم نقول: لو أبرأت المرأة زوجها عن نفقة خمسين سنة من السنين المستقبلة، فليس لها حق الفسخ بالإعسار حتى تنقضي هذه المدة، ولو قالت امرأة المولي: أسقطت حقي من طلب الفيئة سنة، فلست أرى لهذا الإسقاط حكماً، والإبراء إنما يصح في حقوق ثابتة، ولا حق للمرأة على الزوج في الاستمتاع، وإنما يثبت لها طلب الفراق للضرار، فإلى ماذا يضاف الإبراء، وحاصل قولها يؤول إلى بذل اللسان بمصابرة الزوج مع إضراره، ولا حاصل لذلك.
ومما يتصل بهذا أنا إذا فرعنا على الأصح، وانقضت المدة، فرضيت، ثم عادت إلى الطلب، فقد قال الصيدلاني: لا بد من ضرب مدة أخرى، وإن كنا نرى أن المهلة لا تجدّد، كما تفصّل المذهب، واعتل بفقه حسن، فقال: رضاها يُسقط ما تقدم، فإذا عادت فكأنها مطالِبة على الابتداء فيعتبر المَهَل، ثم طلب أن يفرق بينها وبين امرأة المولي؛ فإنها بعد انقضاء المدة [لو رضيت](١) بالمقام تحت الزوج، ثم بدا لها، لم نَضرب مدةً أخرى أربعة أشهر، بل هي على حقها الناجز، فقال: تلك المدة اقتضى النص ضربها غير متعلّقة بطلبها، والمهل في الإعسار بالنفقة يتعلّق بطلبها، فإذا رضيت، سقط أثر المهل.
وليس يبعد عندي أن يقال: لا يُضرب مهلٌ آخر في الإعسار، حيث انتهى التفريع إليه كالإيلاء، والفرق ليس بالواضح؛ فإن امرأة المولي رضيت بما لحقها من الضرار في المدة.