للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إليها ثابت، فلو أن الزوج [أكذب] (١) نفسه، واستلحق الولد، فالولد يلحقه لا محالة، ثم يقع الكلام بعد هذا في النفقة التي أخرجتها المرأة. قال الأصحاب: ظاهر المذهب أن المرأة ترجع على الزوج بما أنفقته على المولود على اقتصادٍ، وهذا يخالف قياساً كلياً، من جهة أن من لم ينفق على ولده أياماً ظلماً وضيْعةً، فلا تصير نفقة الأيام الماضية ديناً عليه، بخلاف نفقة الزوجية، هذا هو المذهب الذي عليه التعويل، وسنذكر في بعض الصور خبطاً من بعض الأصحاب، وإنما جرياننا الآن على ما هو المذهب المعتمد.

فإذا تمادى الزوج على نفي المولود بعد الانفصال، فأنفقت المرأة، فحكم ما أشرنا إليه من القياس [ألاّ تجد] (٢) المرأةُ مرجعاً، ولكن سنذكر في نفقات القرابة أن الأم تملك الاستدانة على الأب في نفقة المولود، وهذا من ولايتها، كما سيأتي موضحاً بعد ذلك، إن شاء الله، فالذي أخرجته في تمادي الزوج محمول على سلطانها، فإذا اكذب الزوج نفسه، ثبت حق الرجوع.

وذكر الشيخ أبو علي وجهاً أنها لا ترجع، وهذا يعتضد بالقياس الذي ذكرناه، وفي كلامه تشبيبٌ بأن الأم لا تملك الاستدانة على الزوج، وإن استدانت من غير مراجعة القاضي، لم تجد مرجعاً، وسنوضح هذا، إن شاء الله.

وهذا القائل يقول: قول رسول الله صلى الله عليه: " خذي ما يكفيك وولدَك بالمعروف " قضاء منه لها، وهو سيد السادة وقاضي القضاة، فإن طردنا هذا الباب، فلا كلام، وإن قلنا: للأم الاستقراض في الولد الملتحِق، فصاحب الوجه الضعيف في مسألة اللعان قد يقول: هي ما أخرجت النفقة لترجع بانية أمرَها على تكذيب الزوج نفسه، إذا كان الأصل ألا يُكْذِبَ [نفسه] (٣) بعد اللعان، فإنفاقها محمول على التبرع بالإنفاق، وهذا المعنى لا يتحقق [في] (٤) الولد الملتحق.


(١) في الأصل. كذب.
(٢) في الأصل: "أن تجد" وهو خطأ لا يستقيم الكلام معه.
(٣) زيادة اقتضاها السياق.
(٤) في الأصل: إلى.