للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا يليق بما أوجبه الله تعالى من احترام الآباء والإحسانِ إليهم، ولا يبعد عن الأب إحالة ابنه على الكسب، كما لا يبعد منه استخدامُه.

ومن أصحابنا من أجرى القولين في جانب الأب المعسر، كما ذكرناه في الابن المعسر، وهذا وإن أمكن توجيه القياس فيه، فالمذهب المعتدُّ به القطعُ بأن ذلك ليس شرطاً في الأب.

وقد يتصل بهذا الفصل النظر في تفاصيل الكسب؛ فإن الرجل ذا المروءة لو تكلف نقل القاذورات وشَيْل الكناسات، فقد يجتمع له ما يقوته، ولكن ذلك [يحطّ] (١) من مروءته [فكيف] (٢) الطريق فيه؟ هذا عندنا يخرج على اشتراط الزمانة: فمَن شَرَطَها، فموجب مذهبه أن لا فرق بين كسب وكسب، إذا فُرض الاقتدارُ عليه، ومن لم يشترط الزمانة، فالرأي على التردد في رعاية ما أشرنا إليه من اعتبار المروءة والنظر إلى أقدار المناصب.

ولا خلاف أن عبد الرجل مبيعٌ في نفقته، وإن كان ذلك يلجئه إلى التبذل والتبسط بنفسه في الحاجات الدنيّة كاستقاء الماء وما يشبهه.

وقد تنجز أصلٌ من أصول القول في ذلك.

١٠١٨٦ - ونحن نأخذ من هذا المنتهى في أصلٍ آخر، ونقول: لا خلاف أن نفقة القريب مبناها على الكفاية، وليست متقدَّرة، بخلاف نفقة الزوجية، فإن اكتفى في يومٍ ولم يحتج لعارضٍ، فلا نفقة له، وإن كان رغيباً، لزمت كفايته، وإن كان زهيداً، فعلى قدر حاجته.

ولا يضرّ أن نصرف الاهتمامَ إلى بيان الكفاية، فنقول: لا ينتهي الإنفاق إلى رد النهم والقَرَم (٣) وحَسْم الشهوة، ولكن الكفاية المطلقة ما [يقي] (٤) البدنَ ويدرأ عنه الضرار في الحال والمآل.


(١) في الأصل: يحطه.
(٢) في الأصل: أم كيف.
(٣) القَرَم: شدةُ الشهوة إلى أكل اللحم.
(٤) في الأصل: " يقلّ ". والمثبت من تقدير المحقق.