فلتكن نفقة المولود بهذه المثابة؛ إذ الولد المضاف إلى النكاح من آثار الاستمتاع، وأيضاً اهتمام المرأة بولدها من زوجها يقرب من اهتمامها بنفسها، فلو كانت نفقة المولود تسقط بتعطيل الزوج إياها، وهي لا تعطّل ولدَها، فيقرب تضررها بسقوط نفق مولودها من تضررها بسقوط نفقتها في نفسها.
وهذا الوجه ضعيف لا أصل له، ولا ينبغي أن يعتدّ به، ولولا علوّ قدر الحاكي، لما استجزت حكايته؛ لما حققته من أن نفي التمليك وإثباتَ الكفاية مع المصير إلى أنه يجب تداركُ ما مضى أمسِ كلامٌ متناقض؛ فإنه يستحيل أن يكْفى الإنسانُ أمرَ أمسه، والماضي لا مستدرك له. نعم، إذا أثبتنا النفقة للحامل البائنة، وقضينا بأن النفقة للحمل، فيترتب عليه أنا إن لم نوجب تعجيل النفقة، وقضينا بأن الزوج يُخرج نفقة زمان الحمل يومَ الوضع، فهذه نفقة منسوبة إلى القرابة، وليست ساقطةً بمضي الزمن.
وإن قلنا: يجب تعجيل النفقة، فلو لم يتفق تعجيلُها حتى وضعت المرأة الحملَ، فهل نقضي بسقوط نفقة أيام الحمل -والتفريع على أن النفقة للحمل-؟ فعلى وجهين معدودين من أصل المذهب، وإنما اتجه عدمُ سقوط النفقة بمضي الزمان لاتصالها باستحقاق الحامل؛ فإن انتفاعها بها سبق انتفاعَ الحمل، وإن أضيفت إلى الحمل، فالمرأة مستحقتُها، فكان انتظام الوجهين لهذا، وفيه يتجه ما أطلقناه من التبعية، ثم هذا في الحمل، أو في الولد الصغير على ما حكاه الشيخ.
فأما نفقةُ الولد البالغِ، ونفقةُ كل قريب يستحق النفقةَ سوى الولد الصغير تسقط (١) بمرّ الزمان ولا تصير ديناً قط.
١٠١٨٨ - وهذا نجاز هذا الأصل، ونأخذ بعده في أصل آخر، فنقول: الزوجة إذا كان لا يتوصل إليها نفق مولودها، وكان الأب حاضراً ممتنعاً، أو غائباً، والطفل فقير لا مال له، فالذي ذهب إليه الأصحاب أن لها أن تأخذ نفقة ولدها من مال زوجها إذا كانت يدها تمتد إليه، واحتجوا في ذلك بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم