حتى إن كان شهر الثلاثة، فنحيّضها ثلاثة من أول الدور أبداً، ولا ننظر إلى ما كانت عليه في غيره من الأشهر.
وهؤلاء يقولون: إذا كانت عاداتها المتعاقبة مختلفة، فهي متناسخة، والأخير منها ناسخ لما تقدم.
وذهب الأكثرون إلى أنها مردودة إلى ترتيب عاداتها، وهؤلاء يقولون: تباينُ أقدارِ حيضها على الاعتقاب، والانتظام - عادة (١) محكوم بها، فإن كان الشهر المتقدم على الاستحاضة شهر الثلاثة، فنردُّها في شهر الاستحاضة إلى الخمسة، ثم إلى السبعة، ثم إلى الثلاثة، فندير عليها أدوارها في الاستحاضة، كما عهدناه قبل الاستحاضة.
وهذا الاختلاف الذي ذكرناه لا اختصاص له بقولنا: العادة تثبت بالمرة الواحدة أم لا تثبت؟ وإنما منشأ الخلاف في أن اختلاف أقدار الحيض -وإن كانت على انتظام- هل تنتظم منه عادةٌ أم لا؟ وإن حاضت أول مرة ثلاثة، ثم حاضت خمسةً في الدور الثاني، ثم سبعة في ثالث، ثم استحيضت في الرابع، فلا خلاف أنها لا ترد إلى انتظام تلك الأقدار في الأدوار، وإن قلنا تثبت العادة بالمرة الواحدة، ولكن على هذا الوجه تُردّ إلى أول الدور المتقدّم على شهر الاستحاضة.
وإن قلنا: لا تثبت العادة بالمرة الواحدة، فقد اختلف أئمتنا: فمنهم من قال: نردّها إلى أقل عاداتها؛ فإن الثلاثة موجودة في دَوْر الخمسة. والسبعة، فكأنها متكررة. ومنهم من قال: لا نردّها إلى شيء من تلك الأقدار الجارية في الأدوار، وسبيلها سبيل مبتدأة تستحاض في الدور الأول.
وقد مضى التفصيل، وقد مهدنا هذا المسلك في فصول المعتادة.
٥٩٥ - وكل ما ذكرناه فيه، إذا انتظمت لها أدوارٌ متفقة الأوائل مختلفة الأواخر، على اتساق ونظام، فاستحيضت وعلمت الشهر الذي تقدَّمَ الاستحاضة.
فأما إذا كانت عاداتها كما وصفناها، ولكنها قالت: لست أدري أن استحاضتي