للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[قتله إياه] (١) قصاصاًً، فانعكس الأمر، وثبت لهذا القاتل ما كان يثبت له لو كان هو الطالب؛ فإن القرعة لا تقلب الاستحقاق، ومن قتل جماعة على الترتيب، وصرنا إلى أنه مسلّم إلى أولياء الأول، فلو ابتدر أولياء القتيل [الأخير] (٢) وقتلوه، [كان] (٣) قتلهم إياه قصاصاً مستحقاً، ويتعرضون للتأديب [إذا] (٤) فارقوا ما رُسم لهم.

١٠٢٧٤ - ومما يتصل بتمام البيان في ذلك أن الأخوين إذا ابتدرا قتل الوالدين معاً، فسواء كانت الأم تحت الأب، أم لم تكن، فيجب القصاص لكل واحد منهما على صاحبه، وذلك أن المقتولَيْن -وإن كانا على الزوجية- فإذا وقع موتهما معاً لم يتوارثا، فلا فرق بين أن ينقطع الميراث بينهما بهذا السبب وبين أن ينقطع بعدم الزوجية، ثم القول في وجوب القصاص عليهما على ما رتبناه، ثم الكلام فيمن به البداية على ما سبق.

ورأيت في مرامز كلام الأصحاب ما يدل على الإضراب عن القرعة، والقاضي (٥) لم يذكرها، واقتصر على أن قال: لو ابتدر أحدهما وقتل صاحبه، كان كذا وكذا،


(١) في الأصل: "وقع مثله أناة قصاصاً".
(٢) في الأصل: "الأول".
(٣) في الأصل: "وكان".
(٤) بمعنى "إذْ".
(٥) المعروف من أسلوب إمام الحرمين أنه إذا أطلق لفظ (القاضي) فالمراد به القاضي الحسين، وهو المراد هنا، وهو لم يتعرض للقرعة وأضرب عن ذكرها، مما جعل الإمام يصف هذا بأسلوبه العالي بأنه فرار من الزحف، وكلام الإمام الذي ذكره آنفاًَ فيه إشارة -وإن كانت بعيدة- إلى أن القاضي يميل إلى القرعة، فقد قال: "وذهب ذاهبون إلى أن السبق لا أثر له، وإليه إشارة القاضي" فنَفْيُ أثر السبق فيه ميلٌ إلى القول بالقرعة، وقد كانت عبارة الرافعي دقيقةً حين قال: "ويكون التقديم بالقرعة أو يقدم للقصاص من ابتدأ بالقتل؟ فيه وجهان: ميل الإمام (إمام الحرمين) والقاضي الحسين الأول منهما" أي القول بالقرعة، وأما (القاضي) أبو الطيب، قطع بالثاني (أي عدم القرعة)، ذكر ذلك النووي في الروضة، كل هذا يؤكد أن (القاضي) هنا المراد به القاضي الحسين. (ر. الشرح الكبير: ١٠/ ١٦٩، الروضة: ٩/ ١٥٤).