للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٦١٦ - ثم نقل الأئمة عن الشافعي نصاً في المبتدأة إذا تقطع الدم عليها، فننقله على وجهه، ثم نذكر تصرّف الأصحاب فيه، قال (١) رضي الله عنه: " إذا تقطّع الدم على المبتدأة في الدور الأول، فكانت ترى الدمَ يوماًً وليلة، ونقاءً مثله، فإنها لا تصوم ولا تصلي في أيام الدم في الخمسةَ عشرَ في الشهر الأول. وتصلي في أيام النقاء وتصوم ".

فإذا تبين أنها مستحاضة، ورددناها إلى ما ترد المبتدأة إليه، وهو يوم وليلة، وفرّعنا على ذلك، ورأينا تركَ التلفيق، والحكمَ بأنّ النقاء بين الحيضتين حيض، فالصلوات التي تركتها في أيام الدم وراء اليوم الأول تقضيها؛ فإنا قد تبينا بالأَخَرة (٢) أن الحيضَ هو اليوم الأول، وما عداه استحاضة.

وأمَّا الصلوات التي أقامتها في أيام النقاء، فلا تُعيدُها؛ فإنّها أقامتها في النقاء والطهر. ولقد كانت الصلوات في أيام التربّص بين ألاّ تجب لو انقطع على الخمسةَ عشرَ، وبين أن تجب، والنقاء طهرٌ، فعلى أي حالٍ قُدّر، فلا قضاء.

وأما الصوم، فإنّ ذلك إن وقع في شهر رمضان، فلا شك أنها تقضي، ما لم تصمه في أيام الدم، فأما الأيام التي صامتها في النقاء، فقد ردّدَ الشافعي قولَه في أنها هل تقضيها أم لا؟. أحدهما -[أنها] (٣) لا تقضيها؛ لأنا قد علمنا آخراً أنها كانت أيام النقاء، فليقع الحكم بما علمناه، وأيضاًً؛ فإن الصلاة لا يجب قضاؤها -وإن أقامتها على التردّد- فليكن الصوم بمثابة الصلاة.

والقول الثاني - أنه يلزمها قضاء الصَّوْم الواقع في أيام النقاء؛ فإن الصومَ يجب على الحائض، بمعنى أنها تقضيه بخلاف الصلاة، فالصلاة كانت بين أن تصحَّ، وبين ألا تجب أصلاًً، والصوم واجبٌ كيف فرض الأمر. وكان المُوقع متردّداً بين أن يصح وبين ألا يصحَّ، فَوجبت إعادته.

ثم قال أبو زيد: القولان في الصوم مبنيان على قولين في أصلٍ، وهو أن الرجل إذا


(١) ر. الأم: ١/ ٥٨. وهو معنى كلامه، لا نصه.
(٢) ساقطة من: ت ١.
(٣) زيادة من (ت ١)، (ل).