للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

القصاص في النفس؛ لأن مستحقهما واحد، فإذا عفا عن الطرف، فكأنه ضمن سلامة الأطراف، ففي قتله إتلاف أطرافه.

ولو قال: عفوت عن القصاص في النفس، وأنا أقتص من الطرف، فله ذلك، لم يحك (١) فيه اختلافاً، وإن كان القطع ربما سرى إلى البدن، ولكن لا حكم لهذه السراية.

والدليل عليه أنه إذا استحق الطرفَ دون النفس، فله قطع الطرف، وإن كانت النفس محرمة عليه وقد سرى الجراح.

ومما يتعلق بهذه الجملة أن الجاني لو قتل إنساناً بأن أجافه جائفة، وقلنا: لوليّه أن [يجرحه] (٢) في رعاية المماثلة. فلو قال عفوت عن النفس، ولكني أجيفه، فليس له ذلك؛ فإن الجائفة لا يجري فيها القصاص لو انفردت عن النفس.

فصل

١٠٥٦٤ - قال العراقيون: إذا قطع رجل يدَ رجل، فعفا المجني عليه عن القود، فسرى الجرح إلى نفس المجني عليه، ومات، فالمذهب أنه لا يجب القصاص في النفس؛ فإنه عفا عن الجراحة أولاً، فصار ذلك شبهة، وفيه وجهٌ بعيد عن أبي الطيب بنِ سلمة، كما ذكرناه.

قالوا: ولو قطع يد رجل، فعفا المجني عليه عن القصاص في الطرف، وأخذ المال مثلاً، ثم إن الجاني عاد فقتل المجني عليه، وحزّ رقبته، فهل لأوليائه القصاص أم لا؛ تفريعاً على أن الجناية لو سرت، لم يجب القصاص في النفس؟ ذكروا وجهين: أحدهما - لا قصاص عليه، وذلك أن حزَّ الرقبة بعد قطع اليد بمنزلة سراية الجراحة في القصاص والدية.

هذا هو النص، والقصاص لا اندراج فيه، والدية على الاندراج في السراية، وحزُّ الرقبة، لم يخالف فيه إلا ابنُ سريج، فإذا كان القتل من قاطع اليد بمثابة سراية


(١) لم يحك: المراد صاحب التقريب. نقل ذلك الرافعي صريحاً عن الإمام (السابق: ٣٠٣).
(٢) في الأصل: "يحرمه".