للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولو رفع الحاجز [بين] (١) الموضحتين، [رجل آخر] (٢)، فلا خلاف أن الأروش لا تتحد في حق الجاني الأول، وهذا يناظر في الجراح والنفس ما لو قطع رجل يدي رجل، فجاء آخر وقتله، فلا خلاف في تعدد الدية عليهما؛ إذ لا نربط فعل شخصٍ بفعل شخص في هذه الأبواب، فلا جَرَمَ قلنا: على صاحب الموضحتين أرشان، وعلى رافع الحاجز أرشٌ ثالث.

ولو أوضح رجل موضعاً من رأس إنسان، فجاء آخر وابتدأ من منتهى جناية الأول، وأوضح، ثم هكذا حتى إذا استوعب الرأسَ جناةٌ، فعلى كل واحد أرش موضحة، بلا خلاف.

وإذا كان قياس مذهب ابن سريج أن يجعل أفعال جان واحد في تعديد الموضحة أولاً ورفع الحاجز ثانياً بمثابة أفعال جناة، فليت شعري ما يقول إذا استوعب جان واحد رأسَ إنسان بالإيضاح بموضحتين [متواصلتين] (٣) بأفعال متفرقة؟ ظاهر قياسه أنها موضحات إذا تعددن بالأفعال، وفيه احتمال على خلافٍ، فإنها في الآخر جنسٌ واحد، وليس كقطع اليدين والقتل، وليس كما إذا تحقق تعدد الإيضاح ثم فرض الرفع.

فلينظر الناظر، وليستدّ [نظره] (٤) إذا كُرِّر أعدادُ الموضحات في شخص، ولو اجتمعت أروشها، لزادت على دية، فالمذهب أنا نوجبها بالغةً ما بلغت، وأبعد بعض المصنفين وقال: نردها إلى دية، وهذا بعيد، والاختلافُ المذكور فيه [مذكور] (٥) في الأسنان، والأصح ثَمَّ أيضاًً أنا لا نبالي بالزيادة على مقدار الدية ولو قُتل الإنسان، الزيادة أولى؛ من جهة أن أعدادها في اعتدال الخلقة إذا قوبلت بالأروش زادت الأروش على الدية، وإطلاقُ الشارع ذكر الأروش في آحادها من غير تعرض لرده الزيادة إلى مقدار الدية مناقض لما قال هذا القائل، ولا ينبغي أن نفرع على الوجه


(١) في الأصل: "من".
(٢) في الأصل: "حاز احر".
(٣) في الأصل: "مواصلة".
(٤) مكان بياضٍ بالأصل.
(٥) زيادة من المحقق.