للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأنف، كما رويناه في صدر فصل الموضحة، وقد روى بعض الفقهاء (١) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "في الأذنين الدية" (٢) وهذا مجازفة في الرواية، ولم يصح عندنا في ذلك خبر في كتب الحديث.

ولكن إلحاقَها بمثاني البدن من أعلى وجوه الشبه، وللشبه جريان إذا تقاعدت المعاني.

ثم الذي تخيله الفقهاء من منفعة الأذن أن صدفتها [تجمع الصراخ] (٣)، ومعاطفها تصون الصماخ، وهو غضروف يتأثر بالصوت تأثر الجلد الممدود على الطبل.

[وفشا] (٤) بين الأصحاب بعد الاختلاف في الأصل خلافٌ آخر، فقالوا: في الأذنين المستحشفتين وجهان إذا استؤصلتا: أحدهما - فيهما الحكومة، فإن استحشافهما: سقوط حسّهما - بمثابة الشلل في الأعضاء. والثاني - أنه يجب فيهما الدية؛ فإن المنفعة الكائنة في [الحساستين] (٥) ثابتة في المستحشفتين؛ فإن المعنى الظاهر جمع الصوت ورده إلى [الصماخ] (٦) وهذا لا يختص بالأذن الحسّاسة، وإن عُدّ حِسُّها من تمام منفعتها، على معنى أنها إذا أحست بدودةٍ، اشتغل صاحبها بطردها، فإن لم تكن حسّاسة، فلا يحصل هذا المعنى، فهذا خفي، والمنفعة الظاهرة جمع الصوت، وذاك لا يختلف بالاستحشاف والإحساس.

وعلى ذلك اختلفوا في أن من جنى على [أذن إنسان] (٧) واستحشفت أذنه من أثر


(١) بعض الفقهاء: يعني به القاضي حسين، صرح بذلك ابن الملقن. (ر. البدر المنير: ٨/ ٤٥١).
(٢) حديث "في الأذنين الدية" رواه البيهقي عن عمر وعلي رضي الله عنهما أنهما قالا: "في الأذنين الدية" قال الحافظ: وفي الطريق عن عمر انقطاع (السنن الكبرى: ٨/ ٨٥، تلخيص الحبير: ٤/ ٦٧ ح ١٩٦١).
(٣) في الأصل: "يمنع الصراح"، وعبارة البسيط: تجمع الصراخ وتحرس الصماخ.
(٤) في الأصل: "ونشأ".
(٥) في الأصل: "الحشاشين".
(٦) في الأصل: "الصحاح".
(٧) في الأصل: "دون إيساره".