للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والعين من [المآقي] (١)، وليس السمع في الأذن، ولا ينتظم في الاستدلال على تعدده بتعدد الأذن [دليل] (٢).

وهذا موقف يتعين إنعام النظر فيه في وجوه نبنيه عليها، على ما سنبين في سياق [الكلام] (٣).

فإذا ادعى المجني عليه زوالَ السمع بالجناية، لم يصدَّق حتى يمتحن، وامتحانه بأن يراعى غفلاتُه، ثم يصاح به صيحة منكرة، فإن كان سميعاً، ظهر الأثر عليه، وتبين كذبه في دعوى الصمم، وإن لم يظهر الأثر عليه، ظهر صدقُه، ثم لا يُؤمن تماسكه، فمن الناس من يتماسك في مثل ذلك مع السمع، فنحلِّفه، وهذا غاية الإمكان.

ولو لم يدّع زوال السمع بالكلية، ولكن ادعى اختلالَه ونقصانَه، نظر: فإن ادعى النقصان في جهتي الأذنين، غمض التعلق بامتحانه، فإنه ليس ينكر أصلَ السمع، ولو صيح به فتأثر، أمكنه حمل تأثره على المقدار الباقي، فلا وجه إلا أن يعتبر النقصان الذي يدّعيه بسمع رجل في مثل حاله [سنّاً] (٤) واعتدالاً، ويكون غير مأووف (٥) السمع، ثم نقف على منتهى [سمع] (٦) هذا السليم المعتبر، [فنأمر] (٧) من يصيح به على مسافة، ثم يبعد حتى ينقطع سمعه من صراخه، ثم نضبط المسافة ونعود، فنعتبر (٨) سمع من ادّعى نقصان السمع، ونُبيّنُ مقدار النقصان بالمسافة في صياح

الصارخ به، ونوجب ذلك القدر من الدية، وليس في هذا الامتحان ما يوجب تغليب


(١) في الأصل: "الماى". كذا تماماً.
(٢) زيادة من المحقق.
(٣) زيادة اقتضاها السياق.
(٤) في الأصل: "شيا".
(٥) مأووف: من الآفة وهي العاهة، يقال: شيء مئوف (وزان رسول) أصابته الآفة، والأصل مأووف. ولكنه استعمل على النقص. (المصباح).
(٦) في الأصل: "سمعه".
(٧) في الأصل: "ونأمر".
(٨) فنعتبر: أي فنقيس.