للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال أئمتنا رضي الله عنهم: قياس ما حَكَى عن صاحب التلخيص أن الرجلين إذا كانا يتجاذبان حبلاً بينهما، فينقطع الحبل، فإن استلقيا، فلا غرم، وقد هَدَرَ البدلان جميعاً، فإن هذه السقطة تحال على قوة المستلقي، فإنه كان يعتمد إلى وراءٍ في جذب الحبل، وهو على مناقضة الاصطدام في الإقبال، وقياس مذهبه أنهما لو انكبَّا، فيجب كمالُ دية كل واحد منهما على عاقلة صاحبه.

وكل هذا خبط. والأصل ما قدمناه من رد هذه المذاهب بجملتها، واعتناق مذهب الشافعي في إحالة [السقطتين] (١) على الصدمة، والصدمة تقع بين المصطدمين لا محالة.

١٠٧١٦ - ثم علينا تفصيل [مذهبنا] (٢) في جذب الحبل، فنقول: إن تجاذبا حبلاً، فانقطع وماتا، نظر: فإن كان الحبل لأحدهما، وكان الثاني [يظلمه] (٣) بجذبه، فإذا ماتا، فدية المالك [يجب] (٤) نصفها على عاقلة الظالم، ودية الظالم هدَرٌ. أما إهدار دم الظالم، فبيّن؛ فإنه كان يجذب ما ليس له جذبه، فدُفع وصُدَّ، فإن أدى ذلك إلى إهلاكه، فليس هذا بأبدع من أن يقصد إلى إنسان، فيدفع عنه ويأتي الدفع عليه فيهلكه.

وأما قولنا: تهدر نصف دية مالك الحبل، فسببه أنه شارك في قتل نفسه، ففعله محسوس، فلئن كان [هدراً] (٥) في حق الظالم (٦)، فوقوعه في حق المظلوم [لا يتخيل أن ينكر] (٧)، فتنخَّل منه الجواب الصحبح، وهو تشطير دية مالك الحبل، وإهدار الظالم.


(١) في الأصل: "سقطين".
(٢) في الأصل: "مذهبي".
(٣) في الأصل: "يطلبه".
(٤) في الأصل: "يحسب".
(٥) في الأصل: "هذا".
(٦) المعنى أن فعل المظلوم واقع محسوس، ولكنا أهدرنا نصفه الواقع في حق الظالم، فإنه مأذونٌ في دفعه، أما فعله في حق نفسه، فلا ينكر أثره، ولا سبيل إلى إهداره.
(٧) في الأصل: "لا ـ ـحل مسكر". (كذا تماماً رسماً ونقطاً) والسياق مفهوم على أي حال، سواء وفقنا إلى ألفاظ الإمام أم أدينا المعنى بغيرها.