للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وسنذكر الأخبار الواردة في تفصيل الصلوات على حسبِ الحاجة في مظانها.

والأمة مجمعة على أنّ الصّلاة ركن الإِسلام.

ثم كان المسلمون متعبدين بصلاة الليل في ابتداء الإِسلام على ما يُشعر بها {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ} [المزمل: ١]، ثم لما عُرج برسول الله صلى الله عليه وسلم، افترض الله عز وجلّ الصلوات الخمس، في قصة مشهورة، ونسخت فرضية صلاة الليل عن الأمّة، وقيل: إِن فرضيتها باقية على الرسول عليه السّلام، والله أعلم.

وليس في القرآن تنصيصٌ على أعيانها وتصريحٌ، ولكن فيه تلويحٌ وإِيماء إِليها، ومما تكلم العلماء عليه منها، قوله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: ٢٣٨]. وقد اختلف العلماء في الصّلاة الوسطى، فالذي اختاره الشافعي أنها صَلاة الصُّبح؛ فإِنها محتوشة بصلاتين ليلتين قبلها، وصَلاتين نهاريَّتين بعدها، وهي حَرِيَّة بمزيد الاستحثاث، من حيث إِن وقتها يُوافي الناسَ وأكثرهم في غمراتِ النّوْمِ والغفلاتِ. ثم الذي ذَكَره الشافعي وإِن كان ظَاهراً، فهو مظنون، والذي يليق، بمحاسن الشريعة، ألا تتبين على يقين؛ حتى يحرص الناسُ على جميع الصّلوات، حتى توافقَ الصّلاة الوسطى، كدأب الشريعة في ليلة القدر. وقد ورد خبرٌ في غزوة الخندق يدل على أن الصلاة الوسطى هي: صلاة العصر (١) والله أعلم.


= وسلم، وفي الباب عن أبي هريرة، رواه ابن حبان، في الضعفاء .. وأصح ما فيه حديث جابر، بلفظ "بين العبد وبين الكفر ترك الصلاة" رواه مسلم، والترمذي والنسائي، وابن حبان .. ا. هـ. ملخصاً (ر. تلخيص الحبير: ٢/ ١٤٨ ح ٨١١، ومسلم: الإِيمان، باب بيان إِطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، ح ٨٢، الترمذي: الإِيمان، باب ما جاء في ترك الصلاة ح ٢٦١٨ - ٢٦٢٠، النسائي: الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة ح ٤٦٥، صحيح ابن حبان: ح ١٤٥١) وسيأتي في (باب تارك الصلاة).
(١) يشير إِلى حديث علي رضي الله عنه، قال: "كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم الخندق، فقال: ملأ الله قبورهم، وبيوتهم ناراً، كما شغلونا عن صلاة الوسطى حتى غابت الشمس، وهي صلاة العصر". وهو متفق عليه (البخاري: الدعوات، باب الدعاء على المشركين، ح ٦٣٩٦، وانظر: ٢٩٣١، ٤١١١، ٤٥٣٣. مسلم: المساجد، باب الدليل لمن قال: الصلاة الوسطى هي صلاة العصر، ح ٦٢٧) ولمسلم أيضاً من حديث عبد الله بن مسعود، وجابر بن عبد الله رضي الله عنهما، ح ٦٢٨، ٦٣١.