للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التعرض له بعد الإحاطة بأصول الاصطدام، وهذا أوان الوفاء بالموعود، فنقول: إذا اصطدم أمّا ولد لمالكين، وكانت قيمتاهما متفاوتتين، فلا شك أن النصف من كل واحدة يهدر لانتسابها إلى [الصدمة] (١)، ثم بنينا تلك المسائل بأجمعها على أصل التقاصّ، وعلى أن الفداء يقع بأقل الأمرين على الأرش أو القيمة، ثم أنهينا الكلامَ إلى تضمين مالك المستولدة القليلة القيمة، وقلنا: إنه يمثل في ضمانه نصف قيمة المستولدة الكثيرة القيمة، وهو الأرش، والنصف ساقط لصدمها، فهذا هو الأرش، ثم قلنا: سيد القليلة القيمة يغرم [الأقل] (٢) من الأرش أو تمام قيمة المستولدة القليلة القيمة، وعللنا ذلك بأن الصدمة جرت من جملة المستولدة لا من بعضها، فاعتبرنا في المعادلة بين الأرش وبين القيمة تمامَ قيمة المستولدة.

وهذا وضع ابتداء الإشكال، فنذكر الإشكال في صيغة سؤال، ثم نوضح الجواب عنه، فيتم الغرض في هذا الفن، إن شاء الله عز وجل.

فإن قيل: لم اعتبرتم تمام قيمة المستولدة القليلة القيمة في المعادلة بين القيمة والأرش، وهي كما (٣) صدمت، فتحصل صدمتها مع النقصان فيها؟ وأصل الاصطدام يتضمن إسقاط النصف من كل صادم، وإذا كان يُسقط نصف القيمة [فكيف] (٤) نعتبر تمام قيمتها غير مصدومة؟ ولا شك أن قيمة المستولدة الجانية [يهدر] (٥) نصفها.

وهذا السؤال واقعٌ، والجواب عنه يوضح الغرض.

فنقول: الصدمة من طريق العقل صدرت من جملتها حساً، كما ذكرناه، وأما النقصان بالصدمة، فتجوّزٌ من جهة سيد الكثيرة القيمة، والنصف الذي يضاف تلفه إلى فعل الصادم لا يتغير الحكم بتلفه، وهو بمثابة ما لو جنت المستولدة، وماتت حتف أنفها، ولو فرض ذلك، لوجب الضمان على السيد، فإنه إنما يضمن الفداء لتقدم


(١) في الأصل: "الفدية".
(٢) في الأصل: "قليل".
(٣) كما: بمعنى عندما.
(٤) في الأصل: "وكبن".
(٥) في الأصل: "يعتبر".