الفترة، وما كان من ثورات هنا أو هناك، فهذه الفترة تزيد على مائة وخمسين سنة، فلا ينقض ما قلناه حدوث قلاقل في شهور أو سنة أو سنتين، فى هذا الجانب من الدولة أو ذاك.
- كان من الطبيعي أن يواكب هذا الاستقرار والاتساع الحضاري، وهذا الرقي والنهوض الفكري والعقلي، كان من الطييعي أن يواكب ذلك ازدهارٌ في الفقه وعلوم الشريعة، وقد تمثل هذا الازدهار (١) في:
* ازدياد حفاظ القرآن، والعناية بأدائه ورواية قراءاته، فقد كان هذا العصر هو العصر الذي استقرت فيه القراءة عند القراء السبعة.
* تدوين السنة؛ فقد كان هذا عصراً مجيداً للسنة؛ حيث أخذ رواتها يتنبهون إلى وجوب تصنيفها بحسب الموضوع، وظهر من رجال السنة طبقة بعد طبقة، قامت الطبقة الأولى بتدوين السنة مختلطة بفتاوى الصحابة كالموطأ للإمام مالك، وقامت الطبقة الثانية بتدوين الحديث وحده، فألفوا ما عرف بالمسانيد، وأشهرها: مسند أحمد بن حنبل.
ثم جاءت الطبقة الثالثة فأتمت عمل الطبقتين السابقتين؛ إذ قامت بنقد ما وجدته أمامها من أحاديث، كما ينقد الصيرفي الدنانير؛ فكان من ذلك الكتب الصحاح، وأشهرها: البخاري (ت ٢٥٦ هـ)، ومسلم (ت ٢٦١ هـ). كما ظهر علمُ الرجال الذي يبحث في حال الرواة وجرحهم وتعديلهم.
* كما ظهر في هذا العصر تدوين علم أصول الفقه لأول مرة، وكان إمام الأصوليين وواضع أساس هذا العلم هو الإمام الشافعي.
* ظهور المصطلحات الفقهية، وكان ذلك نتيجة طبيعية لظهور النشاط الفقهي والخلاف بين الأئمة، وتدوين أصول الفقه.
* تفريع المسائل، فقد كان الفقه قبل هذا الدور يغلب عليه الاقتصار على إبداء