للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى خالف جبريل عليه السلام، ولم يَبْنِ مذهبه على خبر، ولا قياس، وإِنما استمسك بحديث أرسله رسول الله مثلاً، لما قال: "مثلنا ومثل من كان قبلنا" الحديث (١)، ثم ليس فيه للأوقات ذكر، وإِنما اشتمل الحديث على كثرة الأعمال وقلتها.

فأما متعلق مالك في ادعاء الاشتراك، فما نبهنا عليه في أول العصر بمقدار ما يسع أربع رَكعات، فهذا المقدار يصلح لأداء الظهر والعصر، وهذا مذهب المزني فيما حَكاه الصيدلاني.

٦٤٨ - وَاقتصد الشافعي، واعتمد الحديث، وفهم من بيان جبريل فَصْلَ أواخر (٢) الأوقات عن أوائل ما يليها، فعلم من هذا المساق انقطاعَ آخر وقت الظهر من أول وقت العصر، فاعترض له منشأ إِشكال مالك، فرأى في ذلك تقريبا حسناً، وقال صلى جبريل صلاة الظهر في اليوم الثاني في آخر المثل الأول، بحيث انطبق التحلل عنها على انقضاء المثلِ، فقيل: صلى جبريل حين صار ظل كلِّ شيء مثله، وصلى صلاة


= القولَ عن مخالفة الإِمام الأعظم الرسول صلى الله عليه وسلم وجبريل- إِلى الصاحبين (ر. المبسوط: ١/ ١٤٢، البدائع: ١/ ١٢٢، ابن عابدين: ١/ ٢٤٠، والبحر: ١/ ٢٥٧) وانظر فتح القدير ونصب الراية وغيرها.
(١) حديث "مثلنا، ومثل من كان قبلنا" رواه البخاري عن نافع عن ابن عمر بلفظ: قال صلى الله عليه وسلم: "مثلكم ومثل أهل الكتابين، كمثل رجل استأجر أجراء، فقال: من يعمل لي من غدوة إِلى نصف النهار على قيراط؟ فعملت اليهود، ثم قال: من يعمل لي من نصف النهار إِلى صلاة العصر على قيراط؟ فعملت النصارى، ثم قال: من يعمل لي من العصر إِلى أن تغيب الشمس على قيراطين؟ فأنتم هم، فغضبت اليهود والنصارى، فقالوا: ما لنا أكثر عملاً، وأقل عطاء؟ قال: هل نَقَصْتُكُم من حقكم؟ قالوا: لا. قال: فذلك فضلي أُوتيه من أشاء" (رواه البخاري: الإِجارة، باب الإِجارة إِلى نصف النهار، ح ٢٢٦٨، وباب الإِجارة إِلى صلاة العصر، ح ٢٢٦٩، ورواه أيضاً في كتاب مواقيت الصلاة، باب من أدرك ركعة من العصر قبل الغروب، ح ٥٥٧. ورواه الترمذي: الأدب، باب ما جاء في مثل ابن آدم وأجله وأمله، ح ٢٨٧١، ورواه أحمد في مسنده: ٢/ ٦، ١١١.).
(٢) بين سطور نسخة (ت ١) - تفسير للأوائل والأواخر، بأنها أواخر أوقات الظهر، وأوائل أوقات العصر.