للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العاقلة الخاصة" وكذلك لا نضرب على بيت المال؛ فإنّ إقراره كما لا يُقبل على عواقله المختصين به، فكذلك لا يقبل على بيت المال.

ثم اتفق الأصحاب وراء ذلك على أن العقل مأخوذٌ من المُقرِّ، ولم يخرّجوا هذا على الخلاف في أنه هل يلاقيه الوجوب، ثم العاقلة تتحمل، أم لا يلاقيه الوجوب أصلاً.

وكان لا يبعد عن القياس أن يقال: إذا قلنا: الوجوبُ لا يلاقي القاتلَ، فهو لم يقر على نفسه بشيء، وإنما أقر على عواقله، وإقراره [عليها مردودٌ] (١)، وليس القتل لو ثبت عليه موجباً أمراً، حتى يُفرضَ التحمل عنه، وهذا المذهب لا بد منه عندي لو صح المصير إلى أن القاتل لا يلاقي الوجوب، وقد ذكرنا في البناء على هذا أنا لو غرّمنا العاقلة، لم نغرم القاتل، فلا بد أن نخرّج قولاً أن المُقِر بالقتل الواقع خطأً غيرُ مطالب بالعقل بناء على ما ذكرناه. ولست أحمل [تَرْكَ] (٢) الأصحاب لهذا إلا على ظهوره عندهم، وطلبهم أن يفرّعوا على القول الآخر.

ثم إذا طالبنا المقر، فالدية مؤجلة عليه كما تتأجل على العاقلة لو اعترفوا، فيطالَب في منقرَض كل سنة بثلث الدية.

١٠٧٧٢ - ثم ذكر صاحب التقريب وجهين في أن المقر على أي وجه يطالَب؟ أحد الوجهين - أنه يطالب على تقديره أصلاً في الالتزام. والثاني - أن سبيل مطالبته كسبيل مطالبة من [يعدِم] (٣) الأصل، ولا يجد بداً من إقامة [بدل] (٤) مقامه، واستشهد لبيان الوجهين، فقال: إن قدرناه أصلاً، فهو بمثابة المستقرض يطالَب بالقرض، والمتلِف يطالَب بقيمة ما أتلفه، وإن أحللناه محل البدل، فهو بمثابة الغاصب إذا أبق العبد المغصوب من يده؛ فإنا نطالبه بقيمة العبد للحيلولة الواقعة، والقيمة تقع بدلاً عن المطلوب الأصلي، حتى إذا رجع العبد، ردّ العبدَ واسترد القيمة، ولا يظهر لما


(١) هذه عبارة الشرح الكبير (٤٨٢) أما عبارة الأصل: "مردود عليها".
(٢) في الأصل: "قول".
(٣) في الأصل: "يغرم".
(٤) في الأصل: "بد".