للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صاحبه كان دافعاً، والآخر كان قاصداً [فمآل الأمر] (١) يتحالفان، ولا يستفيدان إذا [حلفا] (٢) شيئاًً بتحالفهما، وإنما يفرض اليمين لتقدير نكول أحدهما، وحلف الثاني.

ولو سئلنا عن حكم وقوع هذه المسألة التي سنصفها وقيل لنا: إذا التقى رجلان بسيفيهما، وظن كل واحد منهما أن صاحبه قاصدُه، فقصَدَ كل واحد منهما الدفعَ، وانتهت الحال إلى منتهىً يغلب على الظن [أنه الهلاك] (٣) [إن لم يبادر دفع] (٤) سيف صاحبه- ومعلوم أن ما نطلقه من العلم نتجوّز به، فإذا قلنا: إذا علم المقصودُ أن سيف القاصد لا يندفع عنه إلا بالسيف، لم نعن بهذا حقيقة العلم، وإنما أردنا ظنّاً غالباًً- فإذا تبين أن الظن الغالب يكتفى به، وعليه يخرج تصوير الإكراه على القتل أيضاًً، وإن كنا لا نقطع بأن المتوعد بالقتل كان يقتل لا محالة، ولكن إذا غلب الظن، كان ذلك إكراهاً، والغرض مما ذكرناه أن كل واحد منهما يظن ظناً غالباًً أن صاحبه سيبادره، ولم يكن البيان ممكناً.

فأول ما نذكر في ذلك أنه: هل يجوز لكل واحد منهما أن [يدفع] (٥) سيفَ صاحبه عنه كما صورناه والحالة هذه، والذي نراه أن لكل واحد منهما أن يبذل جهده في دفْع سيف صاحبه عن نفسه؛ فإن الاستسلام لا يجب أصلاً، ويجوز دفع السيف إن لم يجب، وليس الغرض من تجويز دفع السيف منعَ الظالم عن ظلمه، وإنما الغرض أن يصون روحَ نفسه عن السيف الواقع به، والسيف كما صورنا يقع به عن قصد، [إما] (٦) على طريق الابتداء أو عن إرادة دفع.

والذي يحقق هذا أن مجنوناً لو قصد إنساناً بسيفه، دَفَعه المقصودُ وإن كان المجنون لا يوصف بكونه ظالماً، فيخرج منه أن للإنسان أن يدفع السيفَ عن نفسه، ثم يترتب عليه أنه إذا كان لا يتأتى دفعٌ إلا بوضع السيف، فيجوز وضعه، ثم يخرج من


(١) في الأصل: "قال الآخر".
(٢) في الأصل: "خلفا".
(٣) زيادة من المحقق لاستقامة العبارة.
(٤) في الأصل: "أن من لم يبادر وضع".
(٥) في الأصل: "يرفع".
(٦) في الأصل: "كما".