للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

طرقهم في أن الغرة هل تجب فيه؟ فالذي قطع به شيخي والصيدلاني وصاحب التقريب وبعض المصنفين (١) أن الغرة لا تجب فيه أصلاً، ويختص وجوب الغرة بالجنين الحر المسلم، فإن لم يكن، فلا غرة، وإنما الواجب فيه عُشر دية الأم على ما سنفصله في التفريع.

ونقل من يوثق به عن القاضي أن الغرة هي الواجبة في الجنين الحر المسلم، فإن

فرض الجنين حراً كافراً، فيجب فيه جزء من الغرة، نسبته من الغرة كنسبة دية [أصل] (٢) الجنين من الدية الكاملة، فإن كان الجنين الكافر نصرانياً فدية النصراني ثلث ديهَ المسلم، ففي الجنين النصراني ثلث الغرة، وإن كان الجنين مجوسياً، فدية المجوسي خُمس دية النصراني، وقد ذكرنا أن الواجب في الجنين النصراني ثلث الغرة، فالواجب في الجنين المجوسي [خُمس] (٣) ثلث الغرة؛ فإن الديات هكذا تجري نِسبُها.

وهذه الطريقة منقاسة؛ فإن الغرة من الجنين بمثابة الدية من الشخص التام، وإذا تناسبت الديات على نحوٍ، لم يبعد تناسُب الغرة على ذلك النحو.

ولكن لم أر هذا لأحد من الأصحاب، ووجه الخلل فيه أنه هجوم على القياس في [أمور الدّية] (٤) من غير ثَبَتٍ من طريق [التعبد] (٥)، والأصل في الديات التعبّد.

وذكر العراقيون مسلكاً ثالثاً، وقالوا: يجب في الجنين النصراني عبد كامل قيمته من دية النصراني كنسبة خمسة من الإبل إلى مائة من الإبل.

فقد حصل مما ذكره الأصحاب ثلاثة أوجه: أحدها - أن الغرة لا مدخل لها في بدل الجنين الكافر أصلاً، فلا يجب فيه عبد ولا جزء من عبد، وهذه الطريقة هي التي


(١) بعض المصنفين: المراد به (أبو القاسم الفوراني) كما أشرنا مراراً، ومن لطيف الملاحظة أن الإمام لم يذكره هنا بالحطّ عليه وتخطئته، بل قرنه مع والده والمحققين من أئمة المذهب.
(٢) في الأصل: " أقل ".
(٣) سقطت من الأصل.
(٤) في الأصل: " أول المرتبة ".
(٥) في الأصل: "البعد".