للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نفسه. وهذا يوجب انحطاطاً عن اعتبار الشيء في نفسه. ولا نظر إلى التفاوت في المالية، وهذا بمثابة إيجاب دياتٍ قيمةَ مملوك، ولكنه غير مقدر، بل هو مقوّم معتبر بغيره، والحر معتبر في نفسه، وهذا [واضح] (١)، فإن الغرة إذا [عدمت] (٢)، فقد نرجع في بدل الجنين المسلم الحر إلى خمس من الإبل، وهو عبد (٣)، وجزء من دية الأم.

وإذا نظر الناظر فيما نقلناه، ثم فرعناه، لاح له أن الغرة التامة في الجنين الكامل بالإسلام والحرية يجب أن تكون منسوبة إلى الدية (٤)، ولا يجوز الاكتفاء بأي عبد كان، وإن كان بريئاً عن العيوب في جنسه. فهذا من أركان الفصل، وقد نجز.

١٠٨٤٥ - ومما نتكلم فيه القولُ في سن العبد، وفي سلامته من العيوب، وليقع التزامه باشتراط السلامة من العيوب، فنقول: اتفق الأصحاب على أنّ العبد المعيب غير مجزىء [إلا] (٥) أن يرضى المغروم له، ثم المرعي في [العيب] (٦) الذي يُثبت حق الرد كالمرعي فيما يثبت الردّ بالعيب في البيع، وهذا على هذا الوجه متفق عليه في الطرق.

فإن قيل: إذا كنتم تنسبون الغرة إلى الدية، فاحكموا بإجزاء معيب قيمته واقعة من الدية على النسبة المطلوبة. قلنا: لا حاصل لهذا السؤال، فإن الرد بالعيب وإن كان مبنياً على اعتبار الأغراض المالية، فلا يقع الاكتفاء باعتبار القيمة المجردة، فإن من اشترى عبداً واطلع منه على عيب، وكانت قيمته مع العيب الذي به زائدة على [الثمن] (٧) بأضعاف، فللمشتري الرد واستردادُ الثمن، وإن كان ذلك العبد المعيب


(١) في الأصل: "يضيع".
(٢) في الأصل: "غرمت".
(٣) أي الغرة بدل الجنين.
(٤) وهذا الوجه هو الذي استقر عليه المذهب، فهو الأصح عند الرافعي، (ر. الشرح الكبير: ١٠/ ٥٢٣) (وكذا النووي في الروضة: ٩/ ٣٧٦).
(٥) في الأصل: "إلى".
(٦) في الأصل: "المعيب".
(٧) في الأصل: "التمييز".