حق أصحاب الضّرورات، وسيأتي قولٌ ظاهر في اعتبار تكبيرة العقد في حقوقهم، والذي ذكره ونزَّله غير بعيد، فهذا بيان ما قَدَّمنا.
٦٥٨ - وذكر العراقيون في صلاة المغرب تردداً واختلافاً، في أَنَّا إِذا ضيقنا وقت المغرب، فهذا التضيق لابتداء العقد، أمْ هو جارٍ في الصلاة كلها حلاً وعقداً؟ فأحد الوجهين - أن التضييق يشمل الصلاة، حتى إِذا وقع بعضها وراء الوقت الذي يسمع ما وصفناه، وقع في الخلاف المقدّم الآن، في أن الصلاةَ مقضيةٌ أو مؤدّاةٌ وجهاً واحداً.
الوجه الثاني: أن التضييق في ابتداء العقد، حتى لو مدّ المصلي الصلاة وأخرجها عن الوقت المعتبر، فالصلاة كلها مؤداةٌ، وجهاً واحداً، وجواز المدِّ يمتد إلى غيبوبة الشفق، وإِنما اختصت صلاة المغرب بذلك عند هذا القائل من بين الصلوات، لما روي عن النبي عليه السلام "أنه قرأ سورة الأعراف في صلاة المغرب"(١). وهذا -إِذا حمل على الأمر المعتاد- قصدٌ لإِخراج أفعال الصلاة عن الوقت المذكور، وكان شيخي يذكر هذا في مقتضى ما ذكره العراقيون، ويقول: من جوز في غير صلاة المغرب إِيقاع بعض الصلاة وراء الوقت، ففي تجويز ذلك في صلاة المغرب عنده خلاف؛ لاختصاصها بالتضييق. وهذا وإِن كان يبتدره فهمُ المبتدىء، فهو غلطٌ عندي، والوجه مَا ذكره العراقيون؛ للخبر، ولأن وقت المغرب على قول التضييق خارج عن الضبطِ، فردُّ الأمر إِلى وقت العقد، والاتساع في وقت التحلل حسنٌ بالغ عندي.
ثم قَطعَ أئمتنا بأن من أخرج بعض الصّلاة عن الوقت وإِن منعنا ذلك، فالصلاة صحيحة، وقالوا: إِن خطر للناظر أن القضاء لا يصح بنية الأداء، فهو مردود عليه؛
(١) حديث قراءة الرسول صلى الله عليه وسلم سورة الأعراف في صلاة المغرب، رواه البخاري من حديث زيد بن ثابث، والنسائي، والترمذي، وأحمد. (ر. البخاري: الأذان، باب القراءة في المغرب، ح ٧٦٤. والترمذي: الصلاة، القراءة في المغرب: ٢/ ١١٣ ح ٣٠٨، ٣٠٩، والنسائي: ١/ ٢١٤، القراءة في المغرب، ح ٩٨٩، ومسند أحمد: ٥/ ٤١٨، والتلخيص: ١/ ١٧٥ ح ٢٤٩).