للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن أصحابنا من قال: لا يجب على الجاني شيء، فإنه لم يتحقق [من] (١) جنايته على الجنين أثر للجناية. قلنا: نعم، ولكن لا مطلع على اتصال الجناية به، ولا أثر يوجد عليه، ويمكن تقديره من جهة الخلقة أو بسبب آخر، غير أنا إذا لم نجد من نحيل عليه، فلا سبيل إلى التعطيل.

١٠٨٥٩ - ومما يتعلق بتمام القول في ذلك أن الجنين لو انفصل حياً، ولم تفرض جناية من جانٍ، فلو ابتدره إنسان وحز رقبته، فإن كانت فيه حياة مستقرة، فلا شك في وجوب القصاص على القاتل.

وإن كان في مثل حركة المذبوح، فاحتز إنسان رقبته، ولم تتقدم جناية، فيجب القصاص أيضاًً، وهو بمثابة ما لو حز رقبة إنسان مشرفٍ على الموت [واقعٍ في السكرات] (٢) وقد تقدم ذلك كله.

والغرض الذي يجب التنبه له في هذا المقدار أن خروجه لدى الولادة وما يلقَى من عُسر في [الانفلات] (٣) والانفصال، والحملُ كجناية متقدمة مفضية إلى [الهلاك (٤).

١٠٨٦٠ - ولو جنى على حربية حاملٍ، ثم أسلمت، وألقت بجنينٍ بلا] (٥) حراك، فإن الذي عليه مجرى الظنون أنه مباح الدم، وقد ذكرنا في ذلك خلافاً بعيداً، حيث ذكرنا هذه المسائل أوائلَ الجراح، فالتفريع الآن على أن الضمان لا يجب على الجارح.


(١) زيادة اقتضاها استقامة الكلام.
(٢) في الأصل: "واقعة في السكران".
(٣) في الأصل: "الانقلاب".
(٤) مناسبة هذا الكلام عن أخطأر الحمل والولادة، هو بيان صحة الفرض في الصورة المتقدمة، حيث صور فيها الجنين ينفصل حياً ولكن في مثل حركة المذبوح، أي مشرفاً على الموت صائراً إليه لا محالة وذلك بغير أن تتقدم جناية، وإنما بعُسْر الانفصال وتعسر الولادة.
قال الغزالي: "إن الولادة من الأخطأر التي يغلب معها الهلاك من غير تقدير سبب، فإذا كان موت الجنين متصلاً بالولادة، وقد ألقته عقب الجناية، وليس عليه أثر الجناية، فلا يوجب ذلك حمله على الجناية لما ذكرناه من خطر الولادة".
(٥) ما بين المعقفين زيادة من المحقق، قدرنا أن كلاماً بمعناها سقط من الأصل، وذلك واضح من السياق حيث يشير إلى جنين حربي مباح الدم، ويفصل المسألة، مما أكد هذا السقط.