أدركت العصر فقد أدركت فريضة الظهر. ثم يخرّج ذلك على ما تقدّم، فإن قلنا: تُدرك العصر بمقدار تكبيرة، فتدرك الظهر به أيضاً، وإِن شرطنا ركعةً، فعلى ما نرى.
وقال في قول آخر: إِنما تصير مدركة للصلاتين بإِدراك أربع ركعات وزيادة، ثم تلك الزيادة تكبيرة أو ركعة على ما تقدّم.
وأبو حنيفة (١) لا يجعلها مدركة لصلاة الظهر ما لم تدرك من وقت الظهر شيئاً. وتعليل مَذْهبنا أنّ وقت العصر على الجملة وقتُ الظهر في حال العذر، والذي نحن فيه وقت الضرورة، ولا يبعد أن يعتبر فيه وقت الضرورة بوقت العذر، فإذا غيَّر العذرُ ترتيبَ الوقت في إِدراك الصّلاتين، غيرت الضرورةُ حُكمَ الإِدراك، حتى كأن من زالت ضرورته في حكم من أخر الصلاة بعذر إِلى آخر الوقت.
٦٦٩ - فأمَّا توجيه القولين في أنها تصير مدركة للظهر بماذا؟ فوجه قول من قال: يكفي فيهما مقدار ركعة أو تكبيرة أن الغرض إِدراك وقتٍ مشترك، وليس المطلوبُ إِيقاعَ الصَّلاتين وجوداً في الوقت؛ فإِنها لو حاولت ذلك، لم تتمكن من إِقامة الظهر في وقت العصر، والمقدار الذي ذكرناه يحصل بإدراك مقدار ركعة فما دونها.
ومن قال: لا يحصل الإِدراك إِلا بمقدار ركعة وزيادة، اعتلّ بأنا إِنما جعلناها مدركة للصلاتين تمسكاً بالجمع وحملاً على الجمع، فلتدرك زماناً يتصور أن يقع صورة الجمع فيه، وذلك بوقوع صلاة تامة في الوقت وبعض الأخرى.
فإن حكمنا بأن الرّكعة فما دونها تكفي، فلا كلام، وإِن شرطنا أربع ركعاتٍ وزيادة، فالركعات في مقابلة صلاة الظهر، والزيادة في مقابلة صلاة العصر، أم الأمرُ على العَكس من ذلك؟ قولان مخرّجان من معاني كلام الشافعي: أصحهما - أن الركعات في مقابلة صلاة الظهر؛ فإنها الصلاة الأولى، ولو فرض الجمع، لكانت البداية بصلاة الظهر على الرأي الظاهر، ولو أدركت مقدار ركعة فحسب، لأدركت العصر، ولم تدرك الظهر على القول الذي نفرع عليه، وإِذا كانت تدرك العصر بركعة