للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القصاص مقصودها المال، وما كان المقصود فيه المال، فهو يثبت بالشاهد والمرأتين.

والجناية التي توجب القصاص مقصودها القصاص، وما لا يكون المال مقصوداً فيه، وهو مما يطلع عليه الرجال، فلا يثبت بشاهد وامرأتين.

وهذا يرد عليه نوعان من السؤال: أحدهما - أن قائلاً لو قال: هلا خرّجتم ذلك على موجب العمد، واختلاف القول فيه حتى تقولوا: إن قلنا موجَبُ العمد القود، فالجناية لا [تثبت] (١) أصلاً، فإن قلنا: موجبها القود أو الدية، فليس أحدهما أن يكون مقصوداً أوْلى من الثاني، فلا يبعد أن يقال: تثبت الجناية مقتضية للمال، ولا يثبت القصاص؟

قلنا: نحن لا نشك أن المقصود الذي هو الأصل في جراح العمد القصاصُ؛ وليس المعنيُّ بقولنا: المالُ أحدُ الموجَبين (٢) أنه يضاهي القصاص؛ فإنّ غرض الشرع إثبات ما يزجر المعتدين، ولا يقع الزجر -فيما فهمناه من مقصود الشرع- بالغرم المالي، والدية حيث يفرض القصاص إنما تثبت حتى لا تتعطل الجناية ولا تقع هدراً، وهذان [الأمران] (٣) مفهومان من غرض الشرع، فيخرج منه أنا وإن قلنا: المال موجب، فلسنا ننكر كون القصاص مقصوداً، فهذا ما يضبط به أصل الباب.

١٠٩٦٦ - ويتصل بهذا المنتهى أن المدعي لو عفا عن القصاص أولاً، ثم أراد إقامة شاهد وامرأتين، فهل يثبت المال والجناية في أصلها موجبةٌ للقصاص؟ فعلى وجهين مذكورين في الطرق: أحدهما - أن المال يثبت؛ فإن القصاص خرج عن كونه مقصوداً بالعفو، وتعيّن المال، وإذا صار المال مقصوداً، وجب ألا يمتنع ثبوته بالشاهد والمرأتين.

والوجه الثاني - أن الجناية لا تثبت إلا بشهادة عدلين، فإن الشاهد يسند شهادته إلى ما كان، والعفو جرى بعد مستند الشهادة، فكأن (٤) أحد القائلَيْن ينظر إلى أصل


(١) في الأصل: " توجب ".
(٢) ت ٤: " الوجهين ".
(٣) في الأصل: " الإقراران ".
(٤) ت ٤: " وكأن ".