أنها لا تثبت بشاهد وامرأتين، ولو فرضت هاشمة، لم يتقدّمْها إيضاح، وكانت هي المدعاة تثبت بالشاهد والمرأتين، وكذلك القول في كل جراحة لا يتعلق بها القصاص، كالجائفة وما أشبهها.
فأما إذا ادعى موضحة متصلة بالهشم، فالجناية مشتملة على ما يوجب القصاص وعلى ما لا يوجب، فإنها لو ثبتت ببيّنة كاملة، أو بإقرار المدعى عليه، جرى القصاص في الإيضاح، وثبت المال في مقابلة الهشم.
فإذا تصورت المسألة، فالمنصوص عليه للشافعي أن هذه الجناية إذا شهد عليها رجل وامرأتان قبل العفو عن القصاص، لم يثبت منها شيء، لا موجَبُ الموضِحة، ولا أرشُ الهاشمة، ونص الشافعي على أن من ادعى أن فلاناً اعتمد رجلاً بالرمي وأصابه، ونفذ السهم منه إلى أبيه -يعني أب المدعي- فأصابه خطأ، فلا يثبت العمد برجل وامرأتين، ويثبت ما وراءه مما وقع خطأ، وهو نفوذ السهم إلى أب المدعي، وهذه الصورة تناظر الموضحة المؤدية إلى الهاشمة؛ من جهة أن الموضحة جرح قصاص وما وراءها جرح مال، كذلك القول في السهم المرسل عمداً النافذ من المقصود المعمود إلى من لم يُقصد.
فاختلف أصحابنا في المسالتين: فمنهم من جعل فيهما قولين بالنقل والتخريج: أحدهما - أن المال يثبت فيما لا قصاص فيه في المسالتين، وهو أرش الهاشمة في مسألة الهاشمة، ودية من أصابه السهم النافذ خطأ في الأخرى.
ووجه ذلك أن الدعوى اشتملت على أمرين: أحدهما - منفصل عن الثاني، فإن رُدت البينة الناقصة في أحدهما، فلا معنى لردها في الثاني، ولو أفرد الهاشمة ووقوعَ السهم خطأ بالدعوى، وأقام على ما يدعيه بينة ناقصة، لقبلت، فإذا جمع بين دعوتين، وقامت البينة عليهما، واقتضى الشرع ردَّ البينة في أحدهما، فلا معنى لردّها في الثاني.
والثاني - لا يثبت أرش الهاشمة، ولا موجَب الخطأ؛ لأن الفعل واحد، وله أثران، وموجبان، فإذا كانت البينة مردودة في بعض موجَب الفعل، ردت في