٦٧٣ - ومما يتعلق بهذا الفصل: القول في خلو أول وقت الظهر عن الحيض مع طريان الحيض بعده، فإِذا كانت المرأة طاهراً في أول وقت الظهر، ثم حاضت واستمر الحيض بها، فالذي صار إِليه الأئمة أنها إِذا لم تدرك من أول الزمان ما يسع الصّلاة التامّة، فإنها لا يلزمها الظهر، فإِنه لو فرض افتتاحها الصّلاةَ مع أول وقت الظهر، ثم طرأ الحيض، فلا تتم الصّلاة. وإِذا فرض انقطاع الحيض في آخر وقت العصر، فلو تطهرت وتحرّمت لاستتبَّت لها الصّلاة، فظهر الفرق بين طريان الحيض على الوقت، وبين انقطاعه في الوقت.
وذهب أبو يحى البلخي (١) -من أئمتنا- إلى أن القول في إِدراك أول الوقت في رعاية التكبيرة على قول، والركعة على آخر، والنظر في إِدراك صلاة العصر بإدراك وقت الظهر كالقول في إِدراك الظهر في آخر العصر، وهذا متروك على أبي يحيى، وهو رديٌ جدّاً، وفيما ذكرناه من قول الأئمة ما يوضح بطلان هذا المذهب.
٦٧٤ - ثم من تمام القول في هذا الطرف، أن من الضرورات الجنون؛ فلو أفاق المجنون في آخر وقت العصر، ثم عاد الجنون متصلاً بأول وقت المغرب، فهذا في الترتيب بمثابة ما لو كانت المرأة طاهرة في أول الوقت، ثم طرأ الحيض؛ فإِن طريان الجنون فيما ذكرناه يمنع تقدير جريان الصّلاة على الصحة، لو فرض التحرم بها عقيب الإِفاقة من الجنون، كما يمتنع صحة الصّلاة لو طرأ الحيض بعد أول الظهر.
٦٧٥ - وهذا أوَانُ ذكر أصحاب الضرورات بأجمعهم. والصفة الجامعة لهم ما يمنع وجوب الصلاة. والموصوفون بذلك: الصبي، والمجنون، والحائض، والنفساء، والمغمى عليه، والكافر، فمن هؤلاء من لا تصح منه الصّلاة كما لا تجب، ومن هؤلاء من لا يجب عليه الصّلاة وإِن كان يصح منه كالصبي، فإِذا زالت
(١) أبو يحيى البلخي: زكريا بن أحمد بن يحيى بن موسى. القاضي الكبير، قاضي دمشق، تكرر ذكره في المهذب، والوسيط، وهو من كبار الأصحاب، أصحاب الوجوه، أصله من بلخ، فارق وطنه من أجل الدين، وقطع نفسه للعلم، توفي بدمشق سنة ٣٣٠ هـ. (ر. تهذيب الأسماء واللغات: ٢/ ٢٧٢، طبقات السبكي: ٣/ ٢٩٨، وشذرات الذهب: ٢/ ٣٢٦).