للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإمامة به؛ فإن القول في هذا يتعلق بفنٍّ مقصود، والقدر الذي يجب الاكتفاء به ذكرُ الإمام العادل، والخروج عن طاعته الواجبة.

ثم أول ما نصدر الكتاب به نقلُ ما ذكره الأصحاب في صفة البغاة، وقد نُحْوَج (١) في هذه التوطئة إلى الخروج عن ترتيب مسائل (السَّواد) حتى إذا انتظمت القاعدة، عدنا بعدها إلى الترتيب.

وقد قال الفقهاء: البغاة هم الذين يستجمعون أوصافاً: إحداها - التمسك بتأويل مظنون يزعمون أنه حاملهم على الخروج على الإمام والانسلال عن متابعته، هذا لا بد منه. والثاني - أن يرجعوا إلى شوكة ومَنعة، فهذان معتبران.

وقال معظم الأئمة في الطرق: يشترط أن ينصبوا إماماً بينهم، ويُسندوا إليه أحكامَهم، ويصدر عنه نصبُ القضاة والولاة، وذكر العراقيون هذا وحكَوْه عن بعض الأصحاب، ثم زيّفوه، وزعموا أنه لا يشترط أن ينتهى بَغْيُهم إلى نصب إمام.

وذكروا وصفاً آخر فقالوا: من أوصاف البغاة ألا يكونوا في قبضة الإمام، ثم فسروا ذلك بألا يكونوا بمكان يحيط بهم جند الإمام من جوانبهم، والشرط أن يكونوا على طرفٍ لا يحيط به نَجْدة الإمام. هذا ما ذكروه.

١٠٩٩١ - ولا بد من تتبع ما ذكره الأصحاب: فأما النجدة، فقد اعتبرها الكافة، ولا احتفال بفئة باغية، لا شوكة لها، فإن فرض ذلك، فهم معرضون لعقابٍ يرّدهم إلى سمت الطاعة، ولا اطلاع على ما نحاول أو نُنجز الفصلَ؛ فإنا في ذكر أوصافٍ مرسلة. [ونحن نتعرض بعدُ للأحكام] (٢) التي يتميز بها البغاة عن غيرهم، وإذا أشبعنا القول في الأوصاف أتبعناها جملاً من أحكام البغاة، فإذ ذاك يتمهد أصل الكتاب.

ثم الشوكة المرعيّة عُدّةٌ يفرض مقاومة الإمام بها، ومن أحاط بالسياسات، لم يخف [عليه] (٣) أنه إذا تجمع آلاف من أهل النجدة (٤)، فإن القتال والظفر والهزيمة فيه


(١) ت ٤: نخرج.
(٢) في الأصل: " فلسنا نتعرض لنقض الأحكام ".
(٣) زيادة اقتضاها السياق.
(٤) وعبارة (ت ٤): " لم يحقر آلاف من أهل النجدة ".