للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يتغشَّوْنا، [وقد ذكرنا أن القتال ليس على] (١) صورة قتال رجل ودفعه، وربما يكون تارك البداية معرِّضاً نفسه [للهلاك] (٢)، وإليه أشار عليّ رضي الله عنه إذ قال: " حدِّدوا سيوفكم، وقاربوا بين الخطى، ولاحظوا شذراً، وعليكم بالرواق والمقيت " (٣).

والذي يجب مراعاته أنه إن أمكن الأسر، فلا قتل، وإن أمكن الاقتصار على الإثخان، فلا تذفيف، وهذا الفن من التدريج تجب مراعاته، وإذا التحمت الفئتان، فلا ضبط، وهذا المعنى يتحقق في تساوي الصائل والمصول عليه، فما الظن بالتحام فئتين عظيمتين.

وخرج مما ذكرناه أن المنهزم ينقسم إلى من يُتبع وإلى من لا يُتبع، وهم مستوون [في] (٤) أنهم لا يقصدون بالأسلحة، وترتيبُ القتال على ما بيّناه.

فإن قيل: [كيف قتل عليّ أهل النهروان؟] (٥) قلنا: " كانوا خوارج نابذوه وانسلّوا عن طاعته وتوثبوا على [واليه] (٦)، وقتلوه، فبعث إليهم أن يسلموا قاتله، فقالوا: كلنا قتلة، فبعث إليهم، فقال استسلموا، نحكم عليكم، [فأبَوْا] (٧)، فسار إليهم بنفسه، وقتل أكثرهم " (٨) قيل: لم يفلت منهم أكثر من اثنين، وبلغ القتلى أربعة آلاف وقتل ذا الثُّدَيَّة، وصدق الله وعد رسوله صلى الله عليه وسلم، إذ قال في القصّة المشهورة: " سيخرج من ضِئْضِئ هذا الرّجل (٩) أقوام ...


(١) عبارة الأصل: " لأن القتال ليس على قتال رجل ودفعه ". والمثبت من (ت ٤).
(٢) زيادة من (ت ٤).
(٣) أثر علي " حددوا سيوفكم وقاربوا بين الخطى ... " لم نقف عليه بعد.
(٤) في الأصل: " إلى ".
(٥) في الأصل: " كيف فعل علي بأهل النهروان ".
(٦) في الأصل: " رجل ".
(٧) زيادة من (ت ٤).
(٨) هذا من كلام الشافعي في المختصر: ٥/ ١٦٠.
(٩) ضئضئ هذا الرجل: الضئضئ: الأصل (معجم) والمراد هنا الصلب.
أما الرجل المشار إليه، فهو الرجل الذي أفحش في الاعتراض على قَسْم رسول الله صلى الله عليه وسلم لصدقاتٍ جاءته، واسمه ذو الخويصرة، رجلٌ من تميم، كما صرحت بذلك بعض روايات البخاري (ح٣٦١٠).